تعني الطمباخية باللهجة الخليجية الكرة. وكانت هذه تسميتها قبل أن تكون هناك أندية واتحادات وقبل المشاركة في البطولات الخليجية والعربية والدولية.
قبل أيام خرجت ثلاثة منتخبات خليجية من الدور الأول لبطولة آسيا لكرة القدم، هي السعودية والكويت والإمارات. كانت السعودية قد فازت بالبطولة ثلاث مرات، ووصلت إلى مبارياتها النهائية أربع مرات، ولكنها خرجت من المرحلة الأولى للبطولة لأول مرة. وجاء أداء الكويتيين الذين فازوا بالبطولة مرة واحدة على أرضهم عام 1980 متواضعاً بكل المقاييس، وتعرضوا لهزيمة على يد المنتخب الأردني بهدفين على الرغم من أن الأردن كان يلعب ناقصاً بعد طرد أحد لاعبيه، ثم مني بأكبر هزيمة في تاريخ لقاءاته مع كوريا الجنوبية بأربعة أهداف للاشيء. كما خرج منتخب الإمارات مبكرا مع شقيقيه السعودي والكويتي، ولا يشفع له إلا أنه لا يملك سجلا مثل شقيقيه في هذه البطولة.
"عامل الخبرة"، "هذه منتخبات عريقة"، "المهم أننا استفدنا من الاحتكاك مع هذه الفرق"، "التحكيم لم يكن منصفاً"، "أخطأ المدرب في تشكيلته"، عبارات يرددها مسؤولو الكرة الخليجية بعد كل اللقاءات- أو بالأحرى- الفضائح الكروية، ثم يقوم المسؤولون أنفسهم بطرد المدرب، ويحملونه المسؤولية كاملة، ويسلمونه باقي مستحقاته حسب العقد الذي وقعه قبل أشهر قليلة فقط، وتبقى الأمور "على طمام المرحوم"، ونعود للمشاركة في البطولات الدولية ثانية مفعمين بالحماس، لنواجه بالإحباط والانتكاس.
قبل أسابيع، حصلت في الكويت مواجهات في الجمعية العمومية للنادي العربي العريق، تخللتها مناوشات بالأيدي والعقل (جمع عقال)، تلتها ملحمة دامية في الجمعية العمومية لنادي الجهراء العتيق، انتهت ببعض المشاركين في المستشفى بعد أن فشلت جهود رجال الأمن في وقف المعارك في الوقت المناسب.
من راقب المعارك في الجمعيات العمومية للأندية الرياضية الكويتية، يدرك العقلية التي تدير دفة الرياضة في الكويت. والأكيد أن ذلك ينسحب على العقلية نفسها في شقيقتيها السعودية والإمارات، وهي عقلية لا تختلف كثيراً عن عقلية إدارة الممتلكات الخاصة. ولا بأس في ذلك لو أن القائمين على الرياضة يصرفون من جيوبهم الخاصة، فذاك شأنهم وتلك أموالهم، ولكن المعروف أن الرياضة لا تزال ملكية عامة للدولة في الخليج، وميزانياتها من الأموال العامة، وبالتالي فهي مسؤولية عامة، وليست ملكية خاصة.
ترجمة الملكية الرياضية العراقية الخاصة، بلغت أبشع صورها في المرحلة "العداوية"- نسبة إلى المقبور عدي صدام حسين الذي كان يدلَّع أبوه باسم "أبو عداي"، والذي كان يضرب اللاعبين ويعذبهم حين يخسرون المباريات. لقد وصل العراق في هذه البطولة إلى المرحلة الثانية، بعد أن ولت المرحلة "العداوية"الرياضية في العراق بلا رجعة.
الساعدي القذافي- ابن الرئيس الليبي- اشترى فرقاً أوروبية. صحيح أنه اشتراها من مال الشعب الليبي، ولكنه يشارك في اللعب أحياناً حين لا ترضيه النتيجة. فلو أن القائمين على الرياضة الخليجية يلعبون لتعديل النتيجة بدلا من إلقاء اللوم على الحكام واللاعبين والمدرب، لكانت المسألة أخف وطأة... ربما!
لقد بذل اللاعبون الخليجيون في هذه البطولة جهوداً جبارة، وأدى بعضهم أداء يثير الاعتزاز، مثلما لعب البحرينيون والعمانيون، كما أن اللاعبين الكويتيين والسعوديين والإماراتيين لا يتحملون المسؤولية وحدهم، ومن الظلم أن يكونوا والمدربين كباش فداء لخطايا العقليات في عالم الكرة عندنا.
مثلما انتهت "العداوية-الرياضية" في العراق، فإن الواجب تغيير القبلية-الرياضية في الخليج، ووضع استراتيجيات جديدة للتعامل مع الرياضة كمظهر حضاري أمام الآخرين، وإلا فعلينا البقاء على كراسينا ومتابعة الطمباخية.