تحت عنوان "أشكروفت واستهداف المحتجين وإطالة سجل مكافحة الإرهاب" نشرت "وجهات نظر" يوم أمس الأربعاء 28-7-2004 مقالاً لـ"جوناثان ترولي" أستاذ القانون في جامعة "جورج واشنطن"، عرض خلاله ما يمكن أن نصفه بنوادر وزير العدل الأميركي في حربه على الإرهاب. وضمن تعقيبي على ما ورد في هذا المقال وخاصة أن كاتبه أستاذ جامعي متخصص عُرف في الآونة الأخيرة بكتاباته النقدية المتعلقة بسياسات وزير العدل الأميركي "جون أشكروفت"، أرى أن المبالغة في تضخيم التهديدات الإرهابية تسببت في دخول الولايات المتحدة في حرب غير ضرورية ضد العراق، وأضرت بالمواطن الأميركي كونها قلصت من سقف الحريات المدنية التي عهدها الأميركيون منذ قرون.
الكاتب لفت الانتباه إلى محاولات الإدارة الأميركية إقحام ما تراه "تهديداً للأمن القومي الأميركي" في أية تحقيقات تجريها مع أشخاص مشتبه فيهم، وغالباً ما يكون هؤلاء الأشخاص لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالإرهاب أو بتنظيم "القاعدة". هذه السياسة لن تسفر عن أية نتائج، وربما يستخدمها مسؤولو وزارة العدل الأميركية في افتعال قضايا وإلقاء القبض على أناس أبرياء، ربما تكون "جريمتهم" الوحيدة هي انتماؤهم إلى بلدان شرق أوسطية تراها واشنطن داعمة للإرهاب. وبما أن الحرب على "الإرهاب" طويلة، فإنه يتعين على الأميركيين مراجعة صلاحيات أجهزتهم ومؤسساتهم الأمنية المعنية بتنفيذ القانون، وهذه المراجعة ستخدم المواطن الأميركي وتحفظ حقوقه المدنية. لكن إذا استمر التعسف الأمني وتواصل الهوس والهلع بطريقة مبالغ فيها، فإن تعاطف الشارع الأميركي مع أجهزة الأمن سيتلاشى، لأن الأميركيين باتوا يدركون أن إدارتهم الحالية تحاول اختزال القضايا الداخلية المهمة في بند واحد فقط هو مكافحة "الإرهاب".
وعلى صعيد آخر قد يغير الأميركيون موقفهم من إدارة بوش عندما يدركون أن السياسات التعسفية في الحرب على "الإرهاب" أدت إلى تراجع عائدات السياحة وإلى انخفاض عدد البعثات التعليمية القادمة من الخارج، وهو ما سيضر بمصالح المواطن الأميركي الذي يمول بطريقة غير مباشرة حرب الإدارة الأميركية على "الإرهاب". وإذا كان الأميركيون أنفسهم عرضة لتجاوزات الجهات الأمنية الأميركية، فإنهم في هذه الحالة أصبحوا في خندق واحد مع الأجانب المتضررين عادة من الإجراءات الأمنية المتشددة، وهو ما يدعو في النهاية إلى تصحيح السياسات التي تنتهجها إدارة بوش في مكافحة "الإرهاب".
فتحي حسن - أبوظبي