فتحت أزمة الأسمنت وبعض مواد البناء التي تشهد أسعارها ارتفاعا جنونيا الباب لمناقشة آلية الأسعار في السوق المحلية والتي تنعكس بالتأكيد على نمو الحركة الاقتصادية وعلى المستهلك الذي بات يئن تحت وطأة الارتفاع المستمر للأسعار.
الإمارات تنتهج مبدأ الاقتصاد الحر والسوق المفتوح وهذا المبدأ الاقتصادي يتماشى مع سياسة الدولة المرنة في التعامل مع الاقتصاد العالمي ومحاربة مبدأ الاحتكار والتحكم في السلع أو فرض قيود على حركة الاستيراد والتصدير والأموال, بل تقوم الدولة في ظل هذا المبدأ بتشجيع الإنتاج المحلي وتوفير كل سبل المنافسة له سواء في السوق المحلية أو الدولية وأثمرت هذه السياسة عن وصول المنتج الإماراتي إلى قارات العالم الست بل وتدخل الدولة حاليا مرحلة الصناعات الكبيرة وبشراكة مع دول صناعية كبرى. وتضاف إلى هذه المميزات" التي لا توجد في الكثير من البلدان" أن الدولة لا تفرض أي ضرائب على الأنشطة الاقتصادية والصناعية والتجارية والتعريفة الجمركية على السلع لا تتجاوز 5 % وبعض السلع معفاة من الجمارك. أمام كل هذه المميزات يفترض أن تكون أسعار السلع في الإمارات منافسة ومناسبة للمستهلك.
شيء جميل أن تبرم مصانع الأسمنت اتفاقيات لتصدير منتجها إلى الخارج هذا أمر يدعم الصناعة المحلية ولكن أن يؤثر ذلك على السوق المحلية فهذا أمر يدعو إلى التحرك لإيجاد البديل لأن الأسمنت ومواد البناء من السلع الاستراتيجية التي تؤثر وبشكل مباشر على عملية التنمية بمفهومها الشامل "الاقتصادي والحضاري والاجتماعي " وقد تضرر من ارتفاع الأسعار بالإضافة إلى المقاولين المواطنون البسطاء الذين يحلمون بإنجاز بيت العمر والمأوى لهم ولأسرهم.
أمام هذه الأزمة تحركت جمعية المقاولين "الأسعار لا تطاق .. وتنذر بخسائر موجعة " وأعلنت بالأمس عن إبرام اتفاقات لاستيراد الأسمنت بسعر 200 درهم للطن أي أن سعر الكيس بعشرة دراهم ولو أضفنا إلى هذه التكلفة الجمارك وأسعار النقل الداخلي وأرباح التجار فلن يتجاوز سعر الكيس للمستهلك العادي 14 إلى 15 درهما , يذكر أن طن الأسمنت وصل إلى 500 درهم خلال الأزمة التي نأمل أن تنتهي مع وصول الدفعة الأولى من المستورد خلال الأيام القليلة المقبلة ويعود سعر الكيس الى عشرة دراهم.
يبقى تساؤل مهم في ظل الارتفاع المستمر لمؤشرات الأسعار لسلع استراتيجية أيضا لا تقل أهمية عن الاسمنت ومواد البناء لأنها تمس البناء الأساسي للمجتمع .جمعية المقاولين تحركت ووجدت الحل الذي يرضي المقاولين ويحمي حركة البناء ,من يتحرك من الجمعيات المعنية بحماية المستهلك لوضع حد لجنون الأسعار وجشع التجار ويوفر أدنى الحماية للمستهلك؟!