ألقت السلطات الأمنية الكويتية القبض على مجموعة من الأحداث الكويتيين الذين حاولوا التطوع للجهاد في العراق عن طريق سوريا، ولقد أولت السلطات الكويتية اهتماماً خاصاً لهذا الحدث لأن "الإرهاب" في الخليج الذي بدأ في السعودية، بدأت بعض آثاره تبرز في الكويت، وخصوصاً أن تنظيم "القاعدة" لعب دوراً في هذه العمليات. مخاوف السلطات المحلية في محلها لأن هذا الشباب "الجهادي" الذي يبرر عمله بأنه للجهاد ضد القوات الأميركية في العراق لديه مخطط واضح لبدء العمليات العسكرية في الكويت ضد قوات التحالف الأميركية المتواجدة في الكويت.
التساؤل هنا: لماذا أصبحت الكويت البلد الديمقراطي المعتدل في نهجه السياسي مصدراً رئيسياً "للإرهابيين"؟ لكل بقاع المعمورة؟ لماذا وكيف تحول المجتمع الكويتي المعتدل في ديانته وسياساته العامة يخضع لتيارات "الإسلام السياسي"؟ النهج الديمقراطي في الكويت سمح لكل التيارات السياسية بالعمل بحرية من خلال مؤسسات المجتمع المدني، فهنالك تيار قومي عربي، وهنالك تيار ليبرالي، كما يوجد في الكويت تيار إسلامي قوي تقوده 3 منظمات إسلامية رئيسية، هي الأخوان المسلمون الذين يعملون من خلال جمعية الإصلاح الاجتماعي، ومن هذه الجمعية برزت الحركة الدستورية الإسلامية والعشرات بل المئات من الجمعيات الخيرية الإسلامية. وتعتبر حركة "الأخوان المسلمون" من أهم وأقوى الحركات السياسية العاملة في الكويت وأفضلها تنظيماً وأغناها ثروة، لأن الحركة تملك عدة بنوك ومؤسسات مالية نشطة في الكويت، ويقع تحت نفوذ جمعية الإصلاح "الأخوان المسلمون" الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، وجمعية المعلمين الكويتية وعدة جمعيات تعاونية.
التنظيم الإسلامي النشط الآخر هو الحركة السلفية، وهي تنظيم سياسي جديد أسس في السبعينيات تحت مظلة جمعية إحياء التراث، وهذا التنظيم متأثر بالحركة الوهابية -التيار السلفي المحافظ الذي يسعى إلى بعث سيرة السلف والتراث- يسعى إلى إقامة مجتمع تقليدي يقف أمام عمليات التحديث في الكويت.
الشيعة في الكويت لديهم تنظيماتهم السياسية، ومن الجمعية الثقافية الاجتماعية برزت عدة حركات دينية شيعية منها "حزب الله" في الكويت وحركة الوفاق والتآخي.
هذه الحركات السياسية تعاونت مع الحكومة وأرغمت الحكومة من خلال وزرائها أو نوابها في مجلس الأمة إلى زيادة الجرعة الدينية في المجتمع الكويتي عن طريق التعليم والإعلام ومنع كل مظاهر الفرح والبهجة في المجتمع الكويتي.
الحكومة الكويتية مثل بقية حكومات دول الخليج، ما عدا سلطنة عمان، حاولت استغلال حركات "الإسلام السياسي" لصالحها لكسب الشارع إلى جانبها، ووافقت على الكثير من البرامج التي أدت إلى زيادة الجريمة الدينية في المجتمع وقادت إلى "دروشة" المجتمع، لذلك سكتت الحكومة على تطوع الشباب الكويتي للجهاد في أفغانستان، وبعدها البوسنة والهرسك وبعدها الشيشان وكشمير.
لا نعرف حتى كتابة هذا المقال من هم الأشخاص والتنظيمات السياسية التي تقف وراء استقطاب الشباب الكويتي للتطوع للعمل الجهادي في العراق. التحقيقات ستكشف حتماً بأن "الإسلام السياسي" في الكويت ليس بعيداً عن هذه العمليات، لكن الشيء المؤكد بالنسبة لنا هو أن التيار الجهادي في الخليج قد بدأ يعمل على إجراء تغييرات جذرية من خلال الفكر والممارسة السياسية، ويعمل هذا التيار على تحقيق الانقلاب السياسي من خلال جماعة جهادية تنشق عن الواقع وتسعى إلى تثويره من أجل الوصول إلى السلطة. الأمر المؤسف، أن حكومات الخليج، ومنها الحكومتان السعودية والكويتية، ساعدت هذا التيار ليطرح مشروعاً إسلامياً يسعى لتحقيقه من خلال العنف و"الإرهاب".