تحت عنوان " جوانتنامو، فلسطينتنامو، عراقتنامو... العرب ناموا" نشرت "وجهات نظر" يوم الأحد 18-7- 2004 مقالاً للدكتور طارق سيف، وضمن تعقيبي على ما ورد في هذا المقال أقول للدكتور طارق: مقالك يفتح العديد من الهموم العربية التي يمكن مناقشتها وبشكل مطول، لكنني أفضل أن أركز فقط على همٍ واحد من هذه الهموم، وأعتقد أنه همُّ لامبالاة الحكومات العربية تجاه ما يحدث للمواطنين العرب والمسلمين سواء في سجون "جوانتانامو" أو فلسطين وكذلك العراق، وهو بالأساس نتيجة للعديد من السياسات التي تراكمت على مر الزمن.
أحد تلك التراكمات أن الدولة في المفهوم العربي والإسلامي قائمة على أنها شركة خاصة للحاكم في هذه الدول، والشعوب ليست سوى عمال في هذه الشركات، وبالتالي فإن العلاقة التي تربط بين العامل (الشعب) ورب الشركة (الحاكم) تستوجب من الحاكم التخلص منه إذا هدد هذا العامل مصلحة صاحب الشركة.
وإذا طبقنا هذا المفهوم على ما يحدث في الدول العربية والإسلامية، سنجد أن المواطن العربي والمسلم ليس له أهمية عند الحُكام، ولذا فما يحدث له من انتهاكات لحقوقه يجد قبولاً وموافقة من قبل حكامه. يستغرب العديد من العرب حجم الخوف الذي يسببه مقتل مواطن أو جندي أميركي واحد في أية بقعة من بقاع الأرض، في حين أن المذابح ضد العرب لا تحرك ساكناً. لكن إذا ما عرفنا السبب أن حاكم الولايات المتحدة قد يسقط وقد يغادر البيت الأبيض بسبب مقتل هذا الجندي أو المواطن، خاصة إذا لم يقدم حجة مقنعة حتى لو كانت كذبة، لكنها مكتملة الأركان. أما الحاكم في النظم العربية والإسلامية، فمهما حدث لمواطنيه فإنه سيستمر في كرسيه، وليس مطلوباً منه أن يبرر مقتل أي مواطن لأنه هو الحاكم الأبدي لشركته، أقصد الدولة.
كثيراً ما نسمع العبارة "الحكم تكليف وليس تشريفاً" عند الحكام العرب والمسؤولين، لكن أين هذه المقولة مما يحدث للشعوب العربية من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا؟ بل إن المواطنين العرب أنفسهم يحبذون التعذيب والقهر الأميركي عن التعذيب العربي. ويتضح مما سبق ذكره أن المواطن العربي عديم القيمة عند حكامه، لذا فهذا المواطن قد فقد قيمته من المحتل، ولهذا لا تستغرب مما يجري للمواطنين العرب من انتهاكات إنسانية.
ناصر الخنبولي - أبوظبي