مهما قلنا عن إرهاب رئيس الوزراء الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين فلن نوفيه حقه من الوصف، لأنه إرهاب دولة، لكن هل يمكن أن نخفي أو نتجاهل حقيقة أنه رئيس وزراء منتخب من خلال انتخابات عامة شاهدها العالم بكل نظافة، وأن ما يُكتب في الصحف الإسرائيلية ضد حكومة شارون لا تجرؤ أي صحيفة عربية على نشره ضد حكومة بلدها، وهل يمكننا أن ننكر حقيقة أن الحكومات الإسرائيلية هي الحكومات المنتخبة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط؟ في حين أن جميع الحكومات العربية حكومات غير منتخبة، وهذا هو المؤلم في الموضوع، ولعل هذا هو سر قوة الحكومات الإسرائيلية المنتخبة في مواجهة الحكومات العربية. بإمكان شارون أن يواجه أي رئيس وزراء عربي ويسأله: بأي صفة تتحدث وأنت لم يتم انتخابك من قبِل الشعب؟ لذلك تظهر حكوماتنا العربية بلا طعم أو نكهة سياسية، حيث يتم تعيين رئيس الوزراء بمعايير لا يعرفها الشعب، ولا دور فيها للبرلمان ممثل الشعب، صحيح أنها حكومات دستورية أو قانونية، ولكنها مع ذلك ليست شعبية.
لنواجه الحقيقة، هل يحترم المواطن العربي حكومته المعينة، بل هل يصدق ما تقوله أو تدعيه حكومته حين تعلن سياستها -هذا إذا أعلنت؟. وهل توجد حكومة عربية واحدة استطاعت أن تحقق نجاحاً لأي خطة خمسية تعلن عنها؟ بل أصبحت بعض هذه الحكومات تعمل على البركة وفقاً لمبدأ (أكل اليوم، والحشر باكر)، ومن ثم لم تتحمل أي حكومة عربية أي مسؤولية عن فشل سياسات التعليم والاقتصاد والخطط التنموية، وكل ما هو مطلوب حين لا يتحقق النجاح، إما إتباع سياسة استبدال الطرابيش بتحويل الوزير (أ) إلى الزراعة بعد أن كان وزيراً للصناعة، وتحويل الوزير (ب) من الإعلام إلى وزارة الطاقة، أو الإتيان بوزراء جدد، دون تجاهل لحقيقة وجود وزراء ينافسون (أبوالهول) الرابض منذ خمسة آلاف عام على أرض مصر، في بقائهم في المنصب الوزاري لأنهم من المرضي عنهم عند "رئيس الدولة".
نكبة الشعوب العربية في حكوماتها غير المنتخبة، لأنها حكومات لا تحتاج إلى الشعوب لنيل الثقة وللاستمرار في العمل، ولذلك سيستمر الفشل العربي في كل المجالات، حتى الرياضة. بالطبع لا يُسمح للصحافة ذلك المجال من الحرية المتاح للصحف الإسرائيلية في نقد رئيس الوزراء ووزرائه، بل ويمكن القول: إن معظم الصحف العربية تعيش على الإعانات الحكومية. لذلك تكمن أولى خطوات الإصلاح الحقيقي في البلاد العربية بتشكيل حكومة من خلال الانتخابات العامة. إن الأمر أيضاً يحتاج إلى انتخابات نظيفة، وللأسف أنه ولا بلد عربي حدثت فيه انتخابات نظيفة، إذ لا بد من أن تتدخل الحكومة لإنجاح ازلامها بشكل غير مباشر، سواء قبل أو أثناء الانتخابات العامة. وفي ظل مثل هذه الانتخابات هناك الكثير من الكفاءات النظيفة التي تحترم نفسها فلا تشارك فيها حفظاً للكرامة.
لكن، وبرغم هذه المساوئ، وجود حكومة منتخبة تخضع لمنح وسحب الثقة دستورياً أفضل بكثير من حكومات معينة لا تخشى المحاسبة، وحيث يدين الوزراء المعينون بالولاء لمن قام بتعيينهم، بدلاً من الولاء لمصالح الشعب. لذلك، فالحكومات المنتخبة على غرار حكومة إسرائيل -كيان العدو- هي الحل الأمثل، إذا لم تكن السبيل الوحيد لإصلاح الحال الخرب في عالمنا العربي.