حالة الغليان التي يمر بها الشعب الفلسطيني ليست وليدة الأمس.. بل هي تراكمات لمشاكل لم تتم مواجهتها وحلها في حينها بل تم ترحيلها تحت ''عناوين كبيرة'' حتى وصلت إلى طريق مسدود، عبرت عنها بالأمس ''أزمة غزة'' التي اسماها رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع ''المصيبة الكبرى والكارثة إذا لم تتم مواجهتها بالطرق الصحيحة''، والأزمة التي بدت جلية أمس في غزة ومن خلال مسلسل الاستقالات في السلطة والمواجهات احتجاجا على طريقتها في حل المشاكل ومواجهة الاستحقاقات الواجبة هي ''شرارة'' نأمل أن تتم محاصرتها حتى لا تمتد وتتحول إلى حريق كبير يلتهم كل إنجازات الشعب الفلسطيني.
الوضع لا يحتمل المناورة والتكتيك والترحيل والدخول في لعبة ''حرق الرؤوس الكبيرة '' فالزمان غير الزمان والمكان غير المكان والقلوب التي تنزف هي قلوب الأبناء والأهل والعشيرة ، الظرف متفجر وما نخشاه أن يندلع الحريق وتصعب السيطرة عليه والعقل والمنطق والحكمة يقول إن صوت الشعب هو الضمير الحي الذي ينطق دائما بالحقيقة والذي يجب أن يلبى نداؤه ويستمع إلى صوته.
السلطة الفلسطينية بكافة أجهزتها والتي أعلنت أمس حال الطوارىء والانعقاد المستمر عليها أن تنصت إلى صوت الشعب الفلسطيني الذي هو فوق الجميع وتضع يدها على مواضع الألم الحقيقي ومتطلبات المرحلة الراهنة ولا تدخل هذا الشعب الصامد والمكافح والصابر على المر في متاهة حسابات لا تصب في مصلحته العليا وصراعات شخصية توجه ضربة مؤلمة لنضاله الطويل وتضحياته الكبيرة.
السنوات العشر الماضية لابد ان تكون قد وضعت علامات فارقة لا يجب ان تخطئها السلطة الفلسطينية المطالبة اليوم بإن تواجه سلبيات الماضي وتبدأ نهجا جديدا لاصلاح البيت الفلسطيني على اساس المصلحة الوطنية وليس على اساس حسابات شخصية ضيقة وليس عيبا ان نعترف بوجود الخطأ ولكن العيب ان نستمر بارتكاب الاخطاء.
الأزمة لا تحتمل التأجيل ولا يصح في هذا المنعطف الخطير للغاية أن تدار الأزمة باختلاق أزمة ، شرارة المواجهة اندلعت بالأمس ونأمل أن تطوق السلطة الفلسطينية هذه الشرارة وتبدأ فعلا في اتخاذ خطوات جدية تعبر عن طموحات وآمال الشعب الفلسطيني الذي يجب أن يوجه طاقاته اليوم لمواجهة العدو الحقيقي الذي يسعى إلى اجتثاثة من جذوره.