قد يشعر البعض من عنوان المقال أنه يتعرض لقضايا وموضوعات متفرقة ليس بينها قاسم مشترك، ولكن الحقيقة والواقع يؤكدان خلاف ذلك، فهناك عناصر كثيرة تجمع ما بين جوانتانامو وفلسطين والعراق، من أهمها حجم الخسائر البشرية والمادية التي تعرض لها العرب والمسلمون في هذه الأماكن، والموقف العربي المتخاذل أمام ما حدث ولا يزال يحدث فيها، وأن أميركا وإسرائيل تفعلان ما تريدان وفق مصالحهما دونما أي اعتبار لنحو 22 دولة عربية، و59 دولة إسلامية، فضلاً عن وجود مصالح حيوية للصهيونية العالمية فيما يحدث في هذه الأماكن والنتائج المترتبة عليه، هذا بخلاف أن العالم بات يتابع ما يحدث من تطورات يومية في هذه الأماكن. لذلك تتزاحم الأسئلة التي تطرح نفسها: ما الذي حدث؟ ولماذا؟ هل هناك نهاية قريبة لما يحدث؟ هل العرب ناموا فعلاً وتناسوا ما يحدث واعتبروه موضوعاً غير مُهم؟ هل فقد العرب مكانتهم الإقليمية والعالمية أم أن العالم بات ينظر إليهم على أنهم إرهابيون ومتطرفون ولذلك فهم عبء على البشرية يجب التخلص منهم؟ وهل هناك أمل في أن يصحو العرب من سباتهم العميق ويثبتوا للعالم قدرتهم على تطوير الحاضر والمشاركة في صنع المستقبل، أم أنهم قد دخلوا مثل أصحاب الكهف في غيبوبة ويحتاجون إلى نحو 300 عام أو يزيد ليفيقوا منها؟
منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 والعربي المسلم موصوم بالإرهاب والتطرف، لذلك تم تسخير آلة الحرب الأميركية بكل قدراتها وإمكانياتها لقهر عدوانيته وشراسته وتطرفه، وبالطبع لم يستطع المسؤولون العرب والمسلمون أن يوضحوا لإمبراطور الدولة الأميركية خطأ هذا الحكم المطلق وتداعياته.
وبعد أن قام المارد العسكري الأميركي بالهجوم على أفغانستان والقضاء على حكم طالبان ودمر معسكرات ابن لادن ودفعه إلى التشرد في جبال أفغانستان وبين قبائلها، حمدنا الله عرباً ومسلمين على التخلص من شر تنظيم القاعدة وفتنتها الكبرى. ولكن عندما ألقي القبض على مئات من العرب والمسلمين وجرى أسرهم ونقلهم إلى معتقل جوانتانامو من دون محاكمة أو توجيه أي تهم إليهم أو حتى تحديد مدى تبعيتهم لتنظيم القاعدة أو طالبان، لم تتحرك الدول العربية والإسلامية لتسأل واشنطن عنهم، وتناست المبدأ القانوني العالمي أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وفي الوقت الذي طالبت فيه جميع منظمات حقوق الإنسان من الجنسيات الأخرى بالوقوف على أوضاع المعتقلين في جوانتانامو، وقفت المنظمات العربية والإسلامية على الحياد، ثم تحركت على استحياء بعد مرور أكثر من عامين على الموضوع وظهور حالات تعذيب وقهر ومعاملات غير إنسانية تعرض لها المعتقلون في جوانتانامو، بل ظهر أن بعضهم بريء بعد أن أفرجت الإدارة الأميركية بعد أكثر من عامين عن عدد محدود من الأجانب والعرب من دون توجيه أي تهمة لهم، والسبب معروف هو خوف الجميع عرباً ومسلمين، سواء الحكومات أو المنظمات، من العقاب الأميركي، بل إن أحداً لم يحاول الدفاع عن تهمة الإرهاب التي ألصقت بكل العرب والمسلمين، وتقبل الجميع بصدر رحب الإجراءات التعسفية الأميركية ضد رعايا الدول العربية الذين تجاسروا وقرروا زيارة الفردوس الأميركي.
لقد وصل عدد المعتقلين في جوانتانامو إلى نحو 650 شخصاً معظمهم من العرب، ولا تقل نسبة المظلومين منهم، أو على الأقل من لم يكن لهم يد في تنظيم القاعدة، عن 15%، يحتاجون لمن يدافع عن حقوقهم القانونية ويقدم الوثائق والمستندات التي تبرئهم، أو يقف معهم لحين تقديمهم إلى محاكمة عادلة، ولكن هيهات فلا دولهم تعلم عنهم شيئاً ولا تحاول ذلك، بل ربما حاولت نسيان الموضوع برمته، وبالطبع فإن أسرهم طرقت كل الأبواب بما فيها باب الأمم المتحدة التي أصبحت ألعوبة في يد الإمبراطور بوش الصغير.
لقد حاولت بعض الفضائيات العربية، ذراً للرماد في العيون، إلقاء الضوء على ما يحدث داخل معتقل جوانتانامو من انتهاكات لحقوق الأسرى والمعتقلين، ولكن المسؤولين العرب كانوا مشغولين بما هو أهم، وهو الدفاع عن أنفسهم ودرء تهمة أنهم وراء الأسباب التي أدت إلى انتشار التطرف والعنف بين الشباب، فهم لم يعملوا بصورة كافية لإصلاح النظام السياسي، ولم يحققوا التطور الاقتصادي المنشود والتنمية الشاملة المرجوة لتوفير فرص العمل ومنح الأمل للشباب ليساهم في صنع حاضره وبناء مستقبله، ولم يواجهوا الفساد والمحسوبية بصورة فعالة وكافية لتحقيق الفرص المتكافئة لجميع المواطنين، ولم يعالجوا الخلل في التعليم والثقافة، والفهم الصحيح للدين الإسلامي، واحترام حقوق الأقليات.
فإذا انتقلنا إلى الوضع الفلسطيني لن نجد اختلافاً كبيراً، فعملية السلام توقفت منذ تولي نتنياهو رئاسة الوزارة في إسرائيل عام 1996، ثم تراجعت في عهد باراك الذي حاول قبل أيام من انتهاء رئاسته للوزارة عام 2000 أن يطرح حلاً واقعياً لعملية السلام مع الفلسطينيين أفسدته السلطة الفلسطينية نتيجة جهلها بطبيعة التغيرات في البيئة الدولية والإقليمية من جانب، وزيارة شارون المدبرة للمسجد الأقصى من جانب آخر، واندلعت ا