···الموقف الصريح والواضح الذي تتبناه الإدارة العراقية، والدول المشاركة في القوة المتعددة الجنسيات، بعدم الرضوخ إلى الإرهابيين، والاستجابة لشروطهم التعجيزية، ومطالبهم المستحيلة،هو موقف يلقى التأييد، والمساندة، والدعم من جميع الدول، والحكومات، والشعوب، ولا يشذ عن هذه القاعدة إلا الذين في قلوبهم مرض، وفي توجههم غرض، وفي عزيمتهم خور، إذ يجمع العالم على أن مجرد الإشارة، ولو تلميحا أو تلويحا، بالانحناء والإذعان لابتزاز الإرهابيين من خاطفي ومحتجزي الرهائن وقتلة الأبرياء ومفجري المنشآت العامة والخاصة ومروجي الفتن الدينية والعنصرية، ستكون له عواقب أخطر بكثير من تبعات سياسة المواجهة الحازمة، والحاسمة، والرفض المطلق، والأذن الصماء وإدارة الظهر لهم، ذلك أنه يفسر، تلقائيا، من جانبهم على أنه علامة ضعف، ودليل وهن في عزم وتصميم المجتمع الدولي على اجتثاث واستئصال هذا الداء الخبيث من جذوره ،بل يدفعهم ويشجعهم على المضي في غيهم وضلالهم وارتكاب المزيد من الجرائم·
ما يواجهه العراق اليوم، والمنطقة والعالم، ليس نظام صدام حسين المغامر والمقامر، فقد ولى إلى غير رجعة، وبات في ذمة التاريخ، يتجرع سدنته حسرات الماضي، وليس أسلحة الدمار الشامل، فقد خبئت وطمرت،وتسربت، وتبخرت، وفككت، وهربت أجزاء معاملها ومختبراتها لتباع في أسواق الخردة خارج العراق، وإنما الإرهاب بكافة أشكاله وتصنيفاته، من متسلل وافد يزداد شراسة وشرها للقتل والتدمير، كلما ضيق الخناق عليه، ومقيم من بقايا عصور القمع والاضطهاد لا يريد مفارقة التربة العراقية بالتي هي أحسن، رغم عروض العفو والتسامح التي تنهال تباعا على المغرر بهم منذ تسلم الحكومة المؤقتة مقاليد السيادة في الشهر الماضي·
إن المعركة الحالية ضد الإرهاب والشبكات الإجرامية المنظمة المتحالفة والمتواطئة معه، هي معركة كل العالم، ضد هذا الخطر الذي يريد تمزيق الدول، والمجتمعات إلى كانتونات، ومعازل، وأشلاء ،وفرق وطوائف متناحرة ومتقاتلة، فهي ليست معركة العراق والدول المكتوية بناره وحدها،ولكنها معركة الإنسانية ضد الوحشية، والسلام ضد الحرب، والحضارة ضد التخلف، والتواصل ضد الانغلاق·