تقرير "باتلر" يهدد مستقبل "بلير"... وميزانية "براون" لتحسين الخدمات العامة


 قضيتان محوريتان دار حولهما الجدل في الصحافة البريطانية هذا الأسبوع، أولاهما: ميزانية السنوات الثلاث المقبلة التي أعلنها وزير المالية جوردون براون التي وجهت اهتمام حكومة بلير نحو السياسات الداخلية. وثانيتهما: تقرير "لجنة باتلر" الخاص بتقييم أداء أجهزة الاستخبارات البريطانية قبيل الحرب على العراق وما أثاره من تساؤلات حول مستقبل رئيس الوزراء توني بلير، ورئيس لجنة الاستخبارات المشتركة "جون سكارليت".


 معلومات زائفة


تحت عنوان "الاستخبارات البريطانية تراجعت عن مزاعمها حول أسلحة صدام"، رصد "غابي هنسلف" و"أنتوني بارليت" في تقريرهما المنشور في "الأوبزيرفر" حساسية الموقف الذي يمر به بلير، خاصة بعد تصريحات أدلى بها مسؤول كبير في الاستخبارات البريطانية مفادها أن المعلومات التي أشارت إلى أن صدام حسين لا يزال ينتج أسلحة دمار شامل كانت زائفة أو لا يعتمد عليها، وهو ما سيضع بلير في مواجهة تساؤلات خطيرة أهمها: لماذا لم يقم بإبلاغ البريطانيين بأن الأدلة التي برر من خلالها الحرب قد تهاوت؟ "هنسلف" و"بارنيت" لفتا الانتباه، قبل يوم من صدور التقرير، إلى أن أنصار بلير متخوفون من أنه إذا تضمن تقرير لجنة "باتلر" الخاص بتقييم أداء الاستخبارات قبيل الحرب على العراق لوماً لرئيس الوزراء البريطاني على المعلومات التي خاض على أساسها الحرب، فإن مؤيدي "جوردون براون" سيحاولون الضغط على بلير لإجباره على الاستقالة.


 تقرير "لجنة باتلر"


 "من خلال تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي حول فشل الـسي آي أيه في تقييم قدرات العراق العسكرية قبل الحرب يمكن أن نستشف ملامح تقرير لجنة باتلر الخاص بتقييم أداء الاستخبارات البريطانية حول الموضوع ذاته"، هكذا استهلت "الديلي تلجراف" افتتاحيتها يوم الأحد الماضي، مشيرة إلى أن ثمة أسباباً مقنعة للإطاحة بصدام حسين، لكن حيازة أسلحة دمار شامل لم تكن واحدة منها، ما يعني أن فشل "الأم آي 6" في إجراء تقييم دقيق لقدرات العراق العسكرية ألحق الضرر بسمعتها، وهو ضرر كان بالإمكان تجنبه في حال نأت هذه المؤسسة الأمنية بنفسها بعيداً عن (10 داونينج ستريت). أما "الإندبندنت" فرصدت يوم أمس استغراب برلمانيي حزب "العمال" من تمسك بلير بترشيح رئيس لجنة الاستخبارات المشتركة "جون سكارليت" رئيساً لـ(الإم آي 6) بدءاً من أول أغسطس المقبل، في الوقت الذي أُجبر فيه مدير الـسي أي ايه جورج تينيت على الاستقالة جراء الخطأ ذاته، إضافة إلى أن لجنة "باتلر" لم تنهِ مهتمها بعد. لكن الصحيفة توقعت أن يتمسك بلير بموقفه. وتحت عنوان "فشل النظام" كتب "جوناثان فريدلاند" مقالاً يوم أمس الأربعاء في "الغارديان" تطرق خلاله إلى ما أسماه "الحقيقة المؤلمة" وهي أن القوات البريطانية تم إرسالها كي تقتل وتُقتل استناداً إلى مبررات زائفة. فالبريطانيون أُخبروا بأن صدام يمتلك أسلحة دمار شامل، وهو لا يمتلكها، وقيل لهم إن صدام يهددهم وهو لم يفعل. الكاتب أشار إلى أن تقرير "لجنة باتلر" سيعيد فتح الملف العراقي، لاسيما بعد 48 ساعة فقط من نجاح وزير المالية جوردون براون في توجيه اهتمام حكومة بلير نحو السياسات الداخلية عبر طرح ميزانية الثلاث سنوات المقبلة بنجاح أمام مجلس العموم. "فريدلاند" اقترح على "توني بلير" صيغة للإعراب- بصراحة-عن الندم يعترف فيها بأنه جعل المعلومات الاستخباراتية تبدو أضخم وأكبر من الواقع، وما حدث كان خطأً يتعهد بعدم تكراره.


الاستعانة بالبرادعي وبليكس


 وفي الموضوع ذاته نشرت "الإندبندنت" يوم الثلاثاء الماضي تقريراً جاء فيه أن "لجنة باتلر" حصلت على إفادات من مدير وكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي وكبير مفتشي الأسلحة العراقية هانز بليكس، تتعلق بصفقة اليورانيوم التي قيل إن العراق حاول إبرامها مع النيجر في التسعينيات. فالبراداعي أفاد بأنه لا توجد أية مؤشرات على وجود هذه الصفقة، أما "بليكس" فأشار إلى أن المزاعم المتعلقة بقدرة صدام حسين على استخدام أسلحة دمار شامل خلال 45 دقيقة تندرج ضمن محاولات تضخيم الخطر الذي كان يمثله النظام العراقي السابق.


ميزانية "براون"


 ميزانية السنوات الثلاث المقبلة المُقدرة بثمانين مليار جنيه إسترليني التي أعلنها وزير المالية "جوردون براون" الاثنين الماضي كانت محور تقرير مُفصل نشرته "الديلي ميرور" جاء فيه أن خطط الإنفاق التي ينوي براون تنفيذها تتضمن زيادات ضخمة في المجالات الدفاعية والأمنية ورعاية الطفولة والمواصلات والإسكان، وستسفر عن فقدان 104 آلاف وظيفة، مما أثار حفيظة رئيس اتحاد الخدمات العامة والتج