تخيل أنك تشاهد مسلسلا أثيرا لديك على شاشة تليفزيون مسطحة مقاس 11 بوصة، ولكن هذه الشاشة ليست موجودة على حامل للتليفزيون، وإنما على قميص ترتديه امرأة فاتنة تم توظيفها وتدريبها كي تكون كما جاء على لسان مسؤول في الشركة، التي تقوم بإنتاج وتطوير تلك الشاشة "ودودة بدرجة مفرطة". ولكن ما هو الغرض من استخدام مثل تلك الشاشة؟ إن الغرض بالطبع هو توصيل رسالة تسويقية. ففي يوم الجمعة الماضي، وفي مدينة "بوسطن" الأميركية، وبأحد المراكز التجارية الشهيرة بالمدينة، شاهد المترددون على المركز عارضة أزياء تجوب إحدى قاعات السينما الكبرى في المدينة، وتقف من حين إلى آخر كي تتجاذب أطراف الحديث مع رواد السينما، في نفس الوقت الذي تقوم فيه شاشة التليفزيون التي تبرز من مقدمة القميص الذي ترتديه، بعرض بعض اللقطات من أحد الأفلام التي سيتم عرضها قريبا على شاشة تلك السينما. طبعا، إن الأمر لم يقتصر على ذلك، فقد شاهد الناس هناك الكثير من الفتيات اللائي يرتدين القمصان التي تبرز منها الشاشات التليفزيونية، وخصوصا عند افتتاح أحد المراكز التجارية أو المحال الكبرى الجديدة، أو خارج قاعات عرض الحفلات الموسيقية وهن يقمن بعرض إعلان تليفزيوني يحذر من التدخين، وأضراره على الصحة.
إن الشاشات التليفزيونية المثبتة على القمصان، التي تم تدشينها في "لوس أنجلوس" في مايو الماضي، والتي حظيت حتى الآن بإقبال كبير في أسواق عشر ولايات من الولايات الأميركية الكبرى ،هي من بنات أفكار السيد "آدم هولاندر" الذي يدير شركة من شركات التسويق الكبرى في "سان فرانسيسكو".
و"آدم هولاندر"، البالغ من العمر 30 عاما، والذي كان يعشق فك وتركيب الأجهزة الالكترونية والعبث بها منذ نعومة أظفاره، يقوم بوضع الإعلانات المرئية على القمصان المزودة بمكبرات للصوت وبشاشات تليفزيونية، والتي يمكنها أن تقوم بعرض الشرائح "السلايدات"، والرسوم المتحركة أيضا.إن هذه الوسيلة الإعلانية تمثل آخر صرعة فيما يطلق عليه الإعلان من خلال حصار المستهلك، وسد المنافذ أمامه. أما بالنسبة لآراء الجمهور حول هذه الوسيلة الإعلانية، فقد تراوحت بين الرفض والقبول.
ففي "بوسطن" على سبيل المثال، بدت القمصان الفائقة التقنية التي كانت ترتديها فتيات الإعلان أضخم مما يجب، كما بدت وكأنها تشكل عائقا عن الحركة، بل وتعرضت للعطل أيضا، ففي إحدى المرات ظلت الشاشة التي ترتديها إحدى العارضات زرقاء لا تعرض شيئا لبضع دقائق، قبل أن تنتحي العارضة جانباً وتقوم بتحميل البرنامج مرة أخرى من جديد.عن تلك التجربة قالت العارضة: كان الأمر يمضي على ما يرام في البداية، حيث كان الجميع مبهورين بما يرونه، ولكن بعد أن حدث العطل وتوقفت الشاشة عن عرض الصور، وأصبح الصوت ضعيفا، فإن ذلك كان مثارا للتعليقات الساخرة من بعض رواد السينما.
ويقول "ويليام فاندرتو" وهو طالب بالسنة الأخيرة بجامعة "هارفارد" كان حاضرا وسط الجمهور عندما حدث ذلك: في البداية، وعندما كانت الفتاة بعيدة عني بعض الشيء ظننت أنها تلصق قصاصة كرتونية تمثل أحد الإعلانات على قميصها. وبعد أن اقتربت منها قليلا تبين لي أن ما أراه هو شاشة تليفزيونية مزودة بمكبرات صوت، تعرض إعلاناً.إن هذه التجربة لا بأس بها وأتوقع لها النجاح، حيث إنه عندما تقترب منك فتاة جميلة تعرض إعلانا تليفزيونيا على صدرها، فإنك لا تستطيع أن تتركها وتذهب بعيدا.
إن بعض خبراء الإعلان لديهم آراء مختلفة عن هذا الرأي، حيث يقولون: إن هذه الطريقة من طرق الإعلان تتضمن اقتحاما للخصوصية، وتفرض نفسها على الناس فرضا، باستخدام الجاذبية الأنثوية. ويقول "ديفيد هيلم" الخبير الإعلاني بإحدى الشركات الكبرى في "بورتلاند" بولاية "أوريجون": إن فكرة الإعلانات التقليدية تفقد المعركة الآن لصالح فكرة جديدة تتبناها مدرسة إعلانية جديدة تدعو إلى تجربة كل شيء من أجل لفت الأنظار حتى لو تمثل هذا الشيء في وضع شاشة تليفزيونية على صدر امرأة. وأضاف قائلا: إن الفقرات الإعلانية هي من الفقرات المكروهة، وخصوصا حينما تقطع عليك المسلسل أو البرنامج الذي تشاهده. وبسبب هذه الحقيقة فإننا نرى أن مصممي الإعلانات يحاولون دائما جذب الأنظار باستخدام أي وسيلة كانت، فتكون النتيجة أنهم يفشلون فيزداد المتفرجون نفورا من الإعلانات وهكذا دواليك.وأنا أرى هذه الحملة الإعلانية الجديدة، أي تقديم الإعلانات من خلال شاشات مثبتة على قمصان ترتديها فتيات فاتنات يقمن بالطواف في الأسواق والمراكز التجارية، سوف تسهم بعد مرور فترة من الوقت في المزيد من الكراهية للإعلانات التي يتم إقحامها على الجمهور.
وجذب الانتباه هو الفن الذي يبرع فيه "هولاندر" بدليل مساهمته في تصميم لوحة إعلانية مركبة على دراجة ثلاثية. ويقول صاحب الفكرة: إن تلك الوسيلة تمثل حلا للمشكلات التي تنجم عن استخدام اللوحات الإعلانية المركبة على عربات، وشاحنات تقوم بالتجوال طوال النهار والليل في شوارع المدن. فالدراجات الثلاثية المثبتة عليها لوحات إعلا