محكمة العدل "تنسف" الجدار والبرادعي يعود بخفي... شارون!


 من صحف ومجلات باريس الصادرة هذا الأسبوع نضع تحت دائرة الضوء، في هذه القراءة الموجزة، موضوعات أبرزها ملامح عراق إياد علاوي وتراجع الطموح الأميركي، وحكم محكمة العدل ضد الجدار العنصري الصهيوني، وضآلة نتائج زيارة البرادعي إلى تل أبيب.


بوتين من أجل العراق


 تحت هذا العنوان نشرت مجلة الأكسبريس مقالا تعرضت فيه لما اعتبرته تراجعا جوهريا لتوجهات المشروع الأميركي في العراق. فبعد أن كانت الشعارات الطموحة قبل سنة هي جلب الديمقراطية إلى العراق وجعله نموذجا لكل منطقة الشرق الأوسط، تكتفي الآن الإدارة الأميركية بمجرد أمل تهدئة الأمور هناك حتى تمر الانتخابات الأميركية على ما يرام، وليقع بعد ذلك ما يقع. وتذهب الصحيفة إلى أن ملامح الحكومة العراقية الجديدة باتت واضحة ابتداء من اليوم الأول حين أعادت سريان مفعول حكم الإعدام بعد أن تم تعليق العمل به في ظل الاحتلال طيلة السنة الماضية. وتقول إن إعادة حكم الإعدام ليست تقدما، بل هي مؤشر على أن حكومة إياد علاوي، الذي تشبِّهُه ببوتين، تسعى إلى القبض على مقاليد الحكم جميعا دون شريك. وإعادة أحكام الإعدام ليست سوى علامة فقط على ما سيأتي. فأولوية الحكومة العراقية الجديدة ستكون منصبَّة على بناء نظام قوي قابض على مقاليد الأمور، على نحو يستطيع من خلاله فرض سيطرته الكاملة على الوضع المتدهور في العراق، خاصة من الناحية الأمنية. أما الديمقراطية والانفتاح إلى آخر تلك القائمة فلا أحد يملك الآن ترف الحديث عنهما. وتنتهي المجلة إلى أن الأميركيين في مشروعهم العراقي، والشرق أوسطي أيضاً، انتهوا إلى المربع الأول،الذي انطلقوا منه، وهو دعم أنظمة الأمر الواقع في العالم العربي، بدل العمل على استبدالها، وأحسن مثال على مميزات تلك الأنظمة، حسب رأي الأكسبريس، هو توجهات الحكومة العراقية الجديدة.


 محكمة العدل" تنسف" الجدار


 الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بعدم شرعية جدار الفصل العنصري الإسرائيلي ترددت أصداؤه بقوة في مختلف الصحف الفرنسية. صحيفة ليبراسيون رأت أن قضاة المحكمة امتلكوا الشجاعة الكافية لقول الحقيقة من وجهة نظر القانون والشرعية الدولية. فحين يصوت أربعة عشر قاضياً- إذ لم يصوت ضد الحكم سوى القاضي الأميركي، كما يمكن أن نتوقع- على أن "جدار الفصل العنصري" الإسرائيلي غير شرعي ومنافٍ للقانون الدولي، ويكرس انتهاكات جسيمة لحقوق الفلسطينيين ممن سيتضررون من بنائه على نطاق واسع، إذ سينال من حقوقهم الإنسانية في أراضيهم وفي حياتهم اليومية في التنقل والعمل، وفي تلقي الخدمات الصحية والتعليمية، وسيضم أراضي من الضفة ويجعل احتلالها أمرا واقعا ومن ثم إلحاقها بإسرائيل. حين يقول القضاة ذلك ويطالبون بهدم الجدار وتعويض الفلسطينيين فإن هذا يعد انتصاراً للقانون الدولي الذي طالما ظل نزاع الشرق الأوسط خارج إطاره. أما صحيفة لوموند فقد اعتبرت قرار المحكمة نصراً مؤزرا للفلسطينيين حتى لو لم تعترف إسرائيل والولايات المتحدة بولاية المحكمة في النظر في قضية الجدار، على اعتبار أنها قضية سياسية بالدرجة الأولى وليست قانونية، كما نبهت الصحيفة إلى ردود الفعل الأوروبية التي تفاوتت بين الترحيب، والترحيب الحذر بقرار محكمة لاهاي.


 البرادعي وإسرائيل


صحيفة لوفيغارو اهتمت بالزيارة الملفتة التي قام بها الدكتور محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إسرائيل هذا الأسبوع. ونشرت مقالا لمورين بيكار بعنوان:"الشرق الأوسط منزوع السلاح النووي... مع وقف التنفيذ"، قالت فيه إن الانطباع الذي أعطاه البرادعي عن نجاح مهمته إلى إسرائيل لا يعبر في الواقع سوى عن رضا جزئي عن نتائج زيارته. فقد اصطدم العالم المصري هو أيضا في تل أبيب بسياسة "الغموض الاستراتيجي" الإسرائيلية حول ملفها النووي، التي تقوم على "عدم نفي، أو إثبات امتلاكها لأسلحة نووية". وقد اعترف شارون نفسه بفاعلية هذه السياسة بمناسبة زيارة البرادعي، حين قال:"إنني لا أعرف ما الذي جاء يريد معرفته هنا. إن إسرائيل مضطرة إلى امتلاك كل مكونات القوة الضرورية للدفاع عن نفسها. إن سياسة الغموض النووي التي نتبعها أثبتت جدواها، وبالتالي سنستمر عليها". وذهبت الصحيفة إلى أن الإسرائيليين اكتشفوا الآن مبرراً جديدا لنشاطاتهم النووية هو توقف مسار عملية السلام في الشرق الأوسط، والمأزق الذي وصلت إليه عمليتا "أوسلو" و"خريطة الطريق"، وسيربطون من الآن الحديث عن أي إخلاء للمنطقة من الأسلحة النووية بحل شامل للصراع. لكن المشكلة أنه عليهم هم تتوقف إرادة إحياء فرص الحل من الأساس. وفي صحيفة لوفيغارو نفسها كتب أمس السبت جان ماري مونتالي مقالا استرجع فيه مسار التراجعات في العملية السلمية منذ اتفاق أوسلو 199