طالما أن الرئيس "بوش" لم يستشرني حول كيفية إعادة انتخابه لدورة رئاسية جديدة، فإنني أخشى أن تكون استشارتي هذه استشارة تطوعية مجانية. ولكن يا للخبر! فقد عثر "جون كيري" المنافس الديمقراطي للرئيس "بوش"، على زميل له ينوب عنه في الرئاسة. وعليه فقد أصبح لزاماً عليك أيها الرئيس أن تضحي بأحد المنصبين. كما أصبح لزاماً على "ديك تشيني" أن يتظاهر بالمعاناة من آلام الصدر. وفي المرة الأولى التي طالب بها "تشيني" بإعفائه من منصبه، كان عليك أن ترفض ذلك بشدة، وأن تبدي له ولاءك وتمسكك به. على أنك لن تستجيب لمطلبه ذاته، بتكراره ثانية لك، إلا بعد أن يبدو رفضك له للمرة الثانية أمراً صعباً ومستحيلا، بسبب تمسكه بموقفه. وحتى عند قبولك لاستقالته، فإنك لن تفعل ذلك إلا على مضض واستياء منك. ولئن كان ذلك ما سيحدث بالفعل، فإن من الواجب أن يتم قبل وقت كافٍ من اجتماع الحزب الجمهوري المقبل، حتى لا يبدو الأمر ميئوساً منه أو مفبركاً.
يذكر أن "ديك تشيني"، كان قد حقق مكاسب كبيرة لإدارتك قبل نحو أربع سنوات، في مجالي الأمن القومي، والسلوك الحازم المطلوب في مثل هذه الجوانب. بيد أن الأمر سيختلف في شهر نوفمبر المقبل، إذ سيُذكّر "تشيني" الناخبين الترجيحيين، الذين يتوقف عليهم حسم نتيجة الانتخابات، بالفوضى الأمنية العارمة التي يشهدها العراق، وباسم العميلة "فاليري بليم"، ناهيك عن قصة "هاليبيرتون"! سيدي الرئيس، إن الكثيرين جدا من الناخبين، يرون فيك رهاناً أفضل بالنسبة لهم، فيما يتعلق بالأمن القومي، ويفضلونك في هذا الجانب على "جون كيري". وكما يقولون فإن السيد "كيري" يبدو فرنسيا في نظرهم، غير أنهم ربما يستيقظون في منتصف الليل متسائلين حول ما إذا كنت أنت بالفعل، شخصية آيديولوجية متشددة، وعرضة للأخطاء دائما أم لا؟ وتلك هي مشكلة نائبك "ديك تشيني". فالفكرة الأولى التي تخطر على بال الجمهور الحاسم في المعركة الانتخابية، ما أن تقع عينهم على "تشيني"، هي كونه رجلا آيدولوجياً متشدداً، وعرضة دائما للأخطاء.
وعليه، فقد أصبحت الآن في حاجة ماسة إلى مرشح جمهوري آخر لمنصب نائب الرئيس يجاريك، ويرد لك مجدداً، صورة ذلك الرئيس الجمهوري شديد المحافظة، الذي كنته يوما ما في انتخابات عام 2000. وليس أفضل من "كولن باول" - إن شاء أن يفعل- للقيام بهذا الدور على أحسن ما يكون. وميزة "باول"، تكمن في قدرته على إقناع الناخبين الترجيحيين وتعزيز موقفك الانتخابي، لكونه ليس آيديولوجيا، فضلا عن كونه وسيلة جذب مهمة لأصوات الناخبين السود. وإذا كانت نسبة أصوات السود التي حصلت عليها في انتخابات عام 2000 لم تتجاوز 8 في المئة من الأصوات، فإن في مقدورك رفع تلك النسبة إلى حوالي 25 في المئة أو أكثر، فيما لو رشحت "باول" نائبا لك.
وفي حال رفض "باول" القيام بهذا الدور، فإن لديك خيارا آخر، هو "رودي جولياني". ويتميز هذا الأخير بقوة شكيمته في الأمن القومي ومكافحة الجريمة، مقابل ضعفه في قضايا أخرى مثل الإجهاض. وهذا هو عين ما تحتاجه مع الناخبين الترجيحيين. عدا هذين الرجلين، فإن لك خيارا ثالثاً في السناتور "جون ماكين". وفي حال اختيارك لـ"ماكين"، فإنك ستتمكن من الفوز على "جون كيري"، في الجولة الأولى من الانتخابات النهائية على الأقل.
أما بالنسبة للقضايا الانتخابية، فإنك بحاجة ماسة سيدي الرئيس، إلى مثل هذه القضايا. ولما كانت المعركة الانتخابية تدور الآن حول الحرب على العراق والاقتصاد القومي، فإن أياً من هاتين القضيتين لا تصب في مصلحتك مطلقاً.
والواضح أنك بحاجة إلى قضية تفعل فعلها في الناخبين، ومن شأنها أن تظهر "جون كيري" بمظهر يجعله لا يتعدى كونه ليبرالياً من ولاية "ماساشوستس" لا أكثر. واللعبة هنا، هي أن تقلب محور اهتمام المعركة الانتخابية، بحيث تبدو هذه المعركة، معركة قيم وليست قضايا انتخابية مثارة في حينها. يذكر في التاريخ الأميركي المعاصر، أن العلم الفيدرالي، كان قد فعل السحر عينه في قلوب وعقول ناخبي الولايات الجنوبية وقتها. ولا يزال في الإمكان تكرار الأمر نفسه في المعركة الانتخابية المقبلة. ولك في زواج الشواذ، قضية أخرى ذات بعد قومي، ولكن عليك أن تطرقها بالكثير من الحذر، نظراً إلى أن غالبية الناخبين الترجيحيين، يعارضون هذا النوع من الزواج، غير أنهم يعارضون الموقف المتعصب والمتشدد، الرافض له في المقابل. وربما كان أفضل ما تعول عليه هو الاعتصام بالوصايا العشر الواردة في كتاب الإنجيل. وإذا ما شددت قبضتك على هذه الوصايا، فإن النصر سيكون حليفك دون شك في انتخابات نوفمبر المقبلة. وفي وسعك تشجيع حكام الولايات والمحافظات، على تعليق نسخة منها على جدران مكاتبهم، سيما في الولايات الجنوبية، بل وتصوير منافسك كيري على أنه عدو للرب، إذا لم يرعوَ عن غيه وضلاله. وبصريح العبارة، فإذا كان أبوك الرئيس قد أمكن له في السابق، الربط بين "مايكل دوكاكيس" و"ويلي هورتون" عبر الإعلانات التلفزيونية، فلك أن تتخيل كم سيكون الأمر مفيدا ومثمر