سقط الطاغية، سقط نظام صدام، ومع السقوط بدأت مرحلة جديدة من حياة العراق الجديد، رحلة الاحتلال الأميركي الآتي من وراء البحار تحت شعار نزع أسلحة الدمار الشامل. اليوم ، وبعد سنة وثلاثة أشهر من السقوط ، تـُسلـّم قوات الاحتلال السلطةَ للحكومة العراقية المعيّنة ، وتـُسلّـم معها رأس النظام السابق للمحاكمة. فـمن جانب الحكومة العراقية - وهي الخصم والحكـَم في آن - تحضّر هذه الحكومة الملفات التي تدين صدام ونظام حكمه، كما تتحضّر العديد من القوى السياسية والحزبية والدولية لهذا الحدث، وتضع ملفاتها التي تدين صدام تحت إبطها. وفي المقابل يتحضّر محامو صدام المتطوعون للدفاع عنه، ويجهـّـزون ملفاتهم أيضاً، وهم بدأوا حملتهم على المحكمة بالتأكيد على عدم شرعيتها أو قانونيتها في محاكمة الرئيس.
إن محاكمة صدام حسين وأركان نظامه ستضع الحكومة العراقية والنظام العراقي الجديد أمام امتحان صعب، وأمام استحقاق خطير. فإما أن تثبت هذه الحكومة صدقيتها في الشفافية، واستقلال القضاء ونزاهته ، بالتالي إعطاء صدام ومن معه من الموقوفين فرصة حقيقية وعادلة للدفاع عن أنفسهم أمام المحكمة دفاعاً شرعياً وحرّاً ونزيها، دونما تدخّل من جهات سياسية أو حزبية داخلية أم خارجية. وهنا إمّا أن يثبت صدام براءته وعدم مسؤوليته عن الاتهامات الموجهة ضدّه، وهو احتمال صعب جداً، وإمّا أن يثبت وكلاء الادعاء تورطه في هذه الاتهامات وعندها ينال جزاءه وفقاً للقوانين الدولية. وبذلك تكون الحكومة العراقية المؤقتة قد حافظت على الشعارات التي رفعتها، بل وحوّلت هذه الشعارات من مجرد نظريات إلى ممارسات تطبيقية، وعندها سيشعر المواطن العراقي أنه فعلاً قد تخلـّص من طاغية وديكتاتور، وأنه صار مواطناً يشعر بكل معنى المواطنة في وطنه.
وائل نجم- بيروت