يبدو أن الإدارة الأميركية تعودت على إطلاق تصريحات بين الفينة والأخرى تحدد من خلالها ملامح العراق الجديد، وضمن هذا الإطار جاءت تصريحات الجنرال "ريتشارد مايرز" التي تفيد بأن القوات الأميركية باقية في العراق لمدة خمس سنوات لتؤكد أن واشنطن مُصرة على بقاء قواتها في بلاد الرافدين أكبر فترة ممكنة. ومن الواضح أن واشنطن تريد البقاء في العراق حتى تتسنى لها السيطرة على عملية التحول السياسي في هذا البلد، بحيث تكون الحكومة العراقية التي سيتم انتخابها مطلع العام المقبل موالية لواشنطن أو على الأقل تسير على النهج الأميركي.
في تقديري أن إطلاق تصريحات من هذا النوع ربما يؤدي إلى نتائج عكسية، فإذا كان المطلوب من هذه التصريحات طمأنة حكومة علاوي بأن إدارة بوش لن تتخلى عنها، فإن السفارة الأميركية الجديدة في بغداد قادرة على توصيل الرسالة إلى العراقيين. أما إذا كان الهدف من هذه التصريحات بث الرعب في نفوس منفذي الهجمات ضد قوات التحالف، فإن الحسابات الأميركية خاطئة، ذلك لأن منفذي الهجمات يطالبون بانسحاب هذه القوات في أقرب وقت ممكن، ما يعني أن تصريحات "مايرز" قد يوظفها منفذو الهجمات لتبرير عملياتهم الإرهابية.
وبالنسبة لعامة العراقيين، فإن بقاء القوات الأميركية فترة أطول يعني أن سيادة بلدهم لا تزال منقوصة، وهو ما قد يؤلب قطاعات كبيرة في الشارع العراقي ضد الوجود العسكري الأميركي. صحيح أن بقاء القوات الأميركية في هذه الآونة تحديداً سيمنع العراق من الانزلاق في دوامة عنف أكبر وربما حرب أهلية طويلة، لكن يجب أن يضبط الأميركيون تصريحاتهم حتى لا يُصاب العراقيون باليأس.
محمد مصطفى- دبي