من النهوض مجدداً في العراق... إلى "السقوط" ثانيةً في أفغانستان!


من صحف ومجلات باريس الصادرة هذا الأسبوع نتوقف في هذا العرض الموجز أمام موضوعات دولية من أبرزها ملامح التحول الحاصل الآن في العراق، والتدخل الأميركي في شؤون الاتحاد الأوروبي، والنموذج الأفغاني كما يريده الرئيس بوش.


العراق: التحول


 تحت هذا العنوان نشرت صحيفة لوفيغارو مقالا للسفير البريطاني في باريس السير جون هولمز، جاء فيه أنه وعلى عكس ما روج له المشككون زمناً طويلاً، ها هو بول بريمر ونظيره البريطاني في البصرة، قد حزما حقائبهما وعادا إلى بلادهما، وبقي العراق وموارده الطبيعية، وقراره السياسي بأيدي العراقيين أنفسهم، دون تدخل يُذكر من أحد. ولذا – يقول هولمز- نرى بشكل ملحوظ تراجع أعمال العنف خلال الأيام الماضية، تزامناً مع تسليم السلطة، وبداية محاكمة صدام ورموز نظامه المخلوع. وفي هذه اللحظة من الزمن فإن مطالب العراقيين واضحة، "فهم يريدون التقدم، والاستقرار، والديمقراطية، والسلام مع الدول المجاورة، وانسحاب القوات الأجنبية في أول فرصة يصبح فيها ذلك ممكناً، ويريدون حكومة عراقية تعبر عن جميع مكونات وتوجهات الشعب العراقي وتحقق طموحاته". ويتساءل السفير: إذا كان هذا هو ما يريده العراقيون، فما الذي تريده دول "التحالف"؟ ويجيب: إنها تريد الشيء نفسه. لكن ما الذي يريده أنصار العنف؟ إنهم يريدون أن تصطدم مكونات المجتمع العراقي مع بعضها بعضاً، في صراع يسهم فيه بدور الأسد بعض من جاءوا من الخارج لتغذية احتدام الموقف في العراق بمزيد من العنف خدمة لمآربهم الخاصة، حسب عبارته.


"سيادة محدودة"


 صحيفة لومانيتيه اختارت هذه العبارة عنواناً لمقابلة مع المحلل السياسي ريمي ليفو عن الوضع الآن في العراق بعد تسليم السلطة. وقد لاحظت الصحيفة أن أول خطوة "ديمقراطية" تم اتخاذها بعد عملية الاستلام هي إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي كان قد تم تعليقها. كما تلاحظ أنه إذا كان تسليم السلطة قد أعلن، فإن بريمر ترك وراءه 145 ألف جندي أميركي في العراق، ومئات المستشارين الأميركيين متناثرين في الوزارات وفي مقدمتها –طبعا- وزارة البترول. ويرى الخبير ريمي ليفو أن ما تم تسليمه إلى العراقيين هو سيادة محدودة فقط، وأن خطة الأميركيين من الآن باتت واضحة، وهي أن يتركوا التورط في التفاصيل والحياة اليومية باعتبار ذلك شأنا يخص الحكومة العراقية الجديدة، وبعد تقليل احتكاكهم مع العراقيين البسطاء يتوقعون أن يقلل ذلك عدد خسائرهم. ولكن كل هذه العملية لا تعني أن القوات الأميركية ستستأذن الحكومة العراقية في أي تدخل عسكري أو أمني تريد القيام به. كما يلاحظ أيضا السكوت الملفت الذي يلف المرجعيات الدينية الشيعية منذ عملية الاستلام خاصة منها رجل الدين علي السيستاني. وتفسير ذلك أن رجال الدين الشيعة يقيمون نوعا من المقايضة مع الأمر الواقع يراهن على مآل الأحداث لصالحهم إذا تم تفعيل الخيار الديمقراطي، بحكم ما يعتقدون أنهم يتمتعون به من أكثرية عددية في صفوف سكان العراق.


 أفغانستان... جورج بوش


 مارك أبشتاين كتب في مجلة الأكسبريس مقالا موجزا عن فرص سقوط تجربة جورج بوش في أفغانستان هذا الصيف، وتأثير ذلك على فرصه الانتخابية في الولايات المتحدة نفسها. فقد أراد بوش أن يشهد العالم أجمع في شهر سبتمبر المقبل على قيام انتخابات ديمقراطية في أفغانستان لكي يوفر له ذلك فرصة التبجح بأنه حقق إنجازات سياسية هناك بعد طرد طالبان والقاعدة، وبأنه نجح في تجربة "بناء الأمم" ومن ثم يتفهم الجميع ويتفاءلون بمستقبل مشروعه في العراق. لكن ما مدى احتمال كسب هذا الرهان؟ يرى الكاتب أن فرص تحقق ما يريده بوش في أفغانستان تعادل صفراً تقريباً. فسلطة حامد كرزاي لا تكاد تتخطى حدود ضواحي العاصمة كابول، وعودة خدمات الكهرباء والماء إلى بعض أحياء المدينة ما زالت حلما بعيد التحقق، والوضع الأمني بدرجة من التردي فرضت تأجيل الانتخابات نفسها من مايو إلى سبتمبر، والأرجح أنها ستؤجل أيضا إلى فترة لاحقة بحيث لا تؤدي لبوش خدمة قبل انتخابات نوفمبر في واشنطن. ويعدد الكاتب قائمة المصاعب المحدقة بنجاح الدرس الديمقراطي الأفغاني الآن: أولا، أن 4 فقط من الـ10 ملايين ناخب أفغاني هم من تم تسجيلهم على اللوائح الانتخابية. ثانيا، أباطرة الحرب ما زالوا يرفضون حل ميليشياتهم التي تعد مئة ألف رجل مسلح. ثالثاً، دول الناتو لم تقرر بعد إرسال المزيد من القوات والعتاد لدعم الوضع هناك. رابعاً، بن لادن يعطي الانطباع من خلال تسجيلاته بأنه ما زال على قيد الحياة. خامساً، مقاتلو طالبان يسيطرون الآن تقريباً على منطقة زابول على حدود باكستان. وأخيراً وليس هذا آخر الأخبار السيئة، حصاد الخشخاش، الذي قضت على زراعته طالبان إلى ح