هناك شماعة يرفعها أحياناً بعض أصحاب الأعمال في القطاع الخاص عندما يبدون رفضا مباشراً أو مبطنا لوصول التوطين إلى عقر دارهم، فهم يطالبون الحكومة أولا بتوطين كل الوظائف في مؤسساتها وبعد الانتهاء من ذلك يمكن التوجه إليهم.
هذا المبرر ضعيف وفيه الكثير من انعدام تحمل المسؤولية الوطنية في مواجهة التحدي وفي تفعيل قرارات مجلس الوزراء لدعم قضايا التوطين بكل أبعادها. فالحكومة الاتحادية مطالبة برفع معدلات التوطين في أجهزتها وما وصلت إليه من نسبة 54% للعام الماضي 2003 جيد، حيث بلغت نسبة التوطين في الوظائف الاعتيادية 74% والوظائف التخصصية والفنية 37%. ولكن هذا لا يعني نهاية المشوار، لأن بعض أجزاء القطاع الخاص لازال نظرها منصباً على النسب المتبقية وخاصة في الوظائف التخصصية والفنية التي تعتمد عليها احتياجات سوق العمل المفتوح.
لإنجاح خطط التوطين وفق استراتيجية مرسومة خطواتها ومعروفة نتائجها المستقبلية على الخريطة السكانية بالدولة، فإن إعادة النظر ضرورية في نسبة الزيادة السكانية التي تعد مرتفعة مقارنة بالمجتمعات المشابهة لنا في الظروف الاقتصادية والاجتماعية.
ففي أحدث إحصاء سكاني تقديري صدر عن وزارة التخطيط، بلغ العدد الإجمالي لسكان الدولة في نهاية عام 2003 حوالي 4.041 مليون نسمة وهي زيادة غالبيتها من العمالة الوافدة في كل الأحوال ويصعب ملاحقتها عن طريق معدلات المواليد. وبما أننا نتحدث عن توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين، فإن عدد الذين هم في سن العمل حوالي 2,485 مليون نسمة، أي بنسبة 61% من إجمالي عدد السكان. فمعدل نسب الزيادة السكانية يتراوح ما بين 3 – 9%، ونسب التوطين الحالية لا تتماشى مع نسب الزيادة السكانية الناتجة عن العمالة المهاجرة إلينا، وإذا علمنا بأن المواطنين يشكلون أقل من 10% من مجموع القوى العاملة في الدولة، وهي أقل كذلك من أقرب دولة خليجية لنا من ناحية التركيبة السكانية، ألا وهي الكويت التي يبلغ العدد الإجمالي لقوة العمل فيها حوالي 1.96 مليون نسمة وفق (2002 – 2003) منهم 1.69 مليون من الوافدين، حيث شكلت العمالة الوافدة نسبة 63.6 % من إجمالي عدد السكان. ويمثل الكويتيون نسبة 18.6% من إجمالي عدد القوة العاملة بعدد يبلغ 270 ألف شخص، أي قرابة ضعف قوة العمل المواطنة في الإمارات.
ومع أنه من المتوقع دخول 115 ألف مواطن ومواطنة كقوة عمل إضافية إلى السوق، وهو مجموع إجمالي المتخرجين في الدولة لأعوام 2004 – 2010، فهذا ما يعني إضافة 10 – 20 % إلى إجمالي القوى العاملة بالدولة.
ولتشابك مشكلاتنا مع الدول الخليجية الأخرى، فإن مملكة البحرين تدرس حالياً مشروع نظام التأمين ضد البطالة أو التعطل من خلال إنشاء صندوق مستقل يمول بالتساوي بين فئات العمال وأصحاب الأعمال والحكومة، ويقوم المشروع على تصور يأخذ في الاعتبار وجود 15 – 18 ألف عاطل عن العمل مستحق للضمان الاجتماعي.
ترى وفق هذه التطورات في زيادة معدلات القوى العاملة المواطنة، هل ستعيد وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التفكير في مشروع إضافة شريحة الخريجين إلى الفئات المستحقة للضمان الاجتماعي من أجل ضمان نوع من التوازن في نفوس الباحثين عن عمل إلى حين حصولهم على "الجوكر" الخاص بالاستقرار الوظيفي في قطاع ما مع وجود صندوق تنمية المهارات؟!