خلال الشهور الماضية سمعنا وشاهدنا الكثير والكثير عن الإصلاح في المنطقة العربية، والمتابع لكل ما دار حول هذا الموضوع الشائك يلحظ أن المناقشات تتلخص في قضيتين أساسيتين أولاهما: نقد حالة الحريات العامة وحقوق الإنسان ودور المرأة في المنطقة، وهي انتقادات طالما تطرقت إليها تقارير الأمم المتحدة وعدد كبير من المنظمات غير الأهلية. ثانيتهما: العلاقة بين الدعوة إلى الإصلاح والتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول. وفي تقديري أن المطالبة بالإصلاح، أياً كان صاحبها، لم تأتِ من فراغ، بل إن حالة حقوق الإنسان والحريات العامة في منطقتنا العربية في حاجة إلى مراجعة حقيقية، غير أن ارتباط الإصلاح بمشروعات وطروحات خارجية يجعل قطاعات كبيرة من النخب العربية تشكك في الجدوى من الدعوة إلى الإصلاح، سيما في هذه المرحلة. على سبيل المثال يبرر كثيرون رفضهم لمشروعات الإصلاح الغربية بتساؤلات مهمة منها: أين كانت الولايات المتحدة طوال العقود الماضية؟ ولماذا لم تتخذ واشنطن أية إجراءات صارمة لإجبار دول المنطقة على احترام حقوق الإنسان وضمان الحريات العامة؟ وهل الإصلاح معناه فرض منظومات سياسية جاهزة كبديل عن التقاليد التي دأبت الأنظمة السياسية على احترامها؟
وبين مؤيد لدعوات الغرب بإصلاح المنطقة ورافض لها متشبث بمبررات واقعية، يلوح في الأفق خطر حقيقي بات محدقاً بمعظم- إن لم يكن جميع الدول العربية- هذا الخطر يكمن في استغلال الغرب لأية ثغرات داخلية لفرض أجندات مُغرضة تحت أي شعار، فتارة نسمع عن الديمقراطية وأخرى عن ضرورة تمكين المرأة وتغيير مناهج التعليم...الخ من الشعارات التي يحاول الغرب الترويج لها دون فهم حقيقي للخصوصية الثقافية لمجتمعاتنا العربية.
حسن زكي - الشارقة