اكتملت أمس وقبل يومين من الموعد المحدد عملية انتقال السلطة والسيادة إلى الحكومة العراقية المؤقتة والشعب العراقي، ورحل الحاكم المدني بول بريمر مغادرا أراضي بلاد الرافدين إيذانا برحيل الاحتلال إلى غير رجعة، ليفتح الشعب العراقي في هذا اليوم التاريخي صفحة جديدة من تاريخه الحضاري العريق ويستعد لطي صفحات تتضمن فصولا دموية ومأساوية لم يقتصر أثرها على الشعب العراقي فحسب بل امتد إلى المنطقة بأسرها.
لا شك أن اليوم ليس كالبارحة، بالأمس كان احتلالا واليوم يلملم الاحتلال متاعه ويبدأ في الرحيل، والعراقيون يتسلمون زمام الأمور لحكم بلادهم أرض الرافدين مهد الحضارة والقانون، وبعد أن أدت الحكومة العراقية أمس اليمين الدستورية يخطو العراق خطوة مهمة وتاريخية لبناء العراق الجديد الحر والديموقراطي الذي يحترم حقوق الإنسان ويتطلع إلى مستقبل مزدهر يوفر الحياة الكريمة للمواطنين ويبني علاقات مع الأسرة الدولية ودول الجوار على أساس المصالح المشتركة ورفاهية الشعوب.
بين التاسع من أبريل 3002 والثامن والعشرين من يونيو 4002 فاصل زمني يجسد ميلادا جديدا للوطن العراقي ويؤرخ لمرحلة جديدة في هذا البلد الذي عاش التجربة واستوعب دروس الماضي، ودفع الثمن غاليا من دمه وثرواته ومسيرته· الحكومة العراقية المؤقتة التي أدت اليمين الدستورية أمس وضعت برنامجا مهما لبدء مسيرة السيادة والحرية والبناء والتعمير وتدعيم أركان الأمن والاستقرار في الوطن العراقي وبناء علاقات صحية مع الأشقاء خصوصا دول الجوار والانفتاح على الأسرة الدولية بعد الحصار الذي استمر لسنوات كثيرة أفقدت العراق مكانه ومكانته وصولا إلى الانتخابات في العام المقبل لاختيار حكومة جديدة تعبر عن آمال وطموحات الشعب العراقي، هذه المهمة لن تستطيع الحكومة أن تؤديها بدون التكاتف الشعبي والالتفاف حولها من كافة أبناء العراق لتجاوز هذه المرحلة الصعبة والشاقة· التركة ثقيلة وإزالة آثار النظام العراقي السابق بالإضافة إلى الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت خلال فترة الاحتلال تحتاج إلى جهود كل المخلصين من أبناء الشعب العراقي للخروج من هذه المرحلة والإبحار بسفينة الوطن إلى مرافئ الأمان والاستقرار التي توفر للعراقيين بكل فئاتهم وأطيافهم الحياة الكريمة.
إن الشعب العراقي ومعه أشقاء العراق هم اليوم أمام استحقاق بناء العراق الجديد المستقر الذي هو بحاجة إلى جهود كل الشرفاء والأوفياء لتجاوز هذه المرحلة المفصلية ليس بالنسبة للعراق فقط بل للمنطقة.