بعيداً عن الجدل الدائر حول مدى شرعية الحرب على العراق، يمكن القول إن الأموال التي انفقتها الولايات المتحدة على هذه الحرب كفيلة بأن تحل مشكلات كثيرين. وحسب محلل اقتصادي أميركي كبير يمكن لواشنطن التي انفقت قرابة 200 مليار دولار على الحرب أن تستخدم هذا المبلغ في تخفيض عدد الجائعين في العالم إلى النصف. ولو استخدمت إدارة بوش هذا المبلغ في تمويل مؤسسات الرعاية الصحية الأميركية لاستطاعت توفير هذه الرعاية لعشرات الملايين من الأميركيين المحرومين منها.
وعلى رغم أن هذه الأرقام جاءت في وقت متأخر، فإنها على الأقل تعكس مدى خطورة اللجوء إلى العمل العسكري لحسم المشكلات الدولية، سيما وأن الأموال التي يتم انفاقها على الحروب تأتي على حساب الشعوب الرازحة تحت وطأة الفقر والمرض سواء في أفريقيا أو في آسيا.
الغريب أيضاً أن الولايات المتحدة باتت تدرك أن الفقر يجعل المجتمعات بيئة خصبة للإرهاب والفساد، ما يعني في التحليل الأخير أن مكافحة الإرهاب لا تقتصر على ملاحقة التنظيمات الإرهابية وتغيير الأنظمة التي تسعى إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، بل إن مكافحة الفقر والجهل والمرض تصب في خانة مكافحة الإرهاب.
وضمن هذا الإطار يمكن أن يشكل مرض جديد كالالتهاب الرئوي اللامنطي الحاد "سارس" تهديداً يفوق خطر العمليات التي تشنها تنظيمات إرهابية، ومن المؤكد أن ضحايا الإيدز يفوق عددهم ضحايا أي حرب خاضتها الولايات المتحدة، ما يؤكد أن الحروب لا تضمن الأمن على الإطلاق بل إن التنمية بمفهومها الشامل قد تكون أكثر نجاعة من الحملات العسكرية في كبح جماح الإرهاب واستئصال جذوره.
عماد محمود - أبوظبي