بعد مرور 14 شهراً على سقوط نظام صدام حسين، تبقى دروس يتعين على الدول العربية استيعابها جيداً، فالعراق بلد غني بنفطه وموارده الطبيعية والبشرية لكن سوء القيادة والفساد والديكتاتورية والقهر والاستبداد، كل هذا جعل العراقيين يدورون في حلقة مفرغة، فمن حرب فاشلة إلى أخرى خاسرة وصولاً إلى الرزوح تحت الاحتلال في القرن الحادي والعشرين. أول الدروس يتمثل في أن الديمقراطية هي الضمانة الحقيقية للاستقرار مهما كان شكلها أو أدواتها، وأن الانفراد بالقرار لا ينجم عنه سوى الكوارث والمصائب. إن قرارات صدام الطائشة وسياسته العشوائية غير المدروسة ورطت العراقيين في حروب لا طائل من ورائها، وعرضتهم لحصار جائر وأد أحلامهم وسلب حقوق جيل كامل في التنمية والرفاهية.
ثاني هذه الدروس يكمن في ضرورة استيعاب موازين القوى في النظام الدولي، ذلك أن صدام حسين دخل في مراهنات خاسرة على دعم وتأييد قوى دولية لا تمتلك التأثير على القرار الدولي، ما جعله يدخل في مغامرات غير محسوبة، فلم تمنع روسيا ولا الصين الولايات المتحدة من شن حربها على العراق.
ثالث هذه الدروس هو بناء مؤسسات فاعلة لا تعتمد على أشخاص بل تقوم دعامتها على نظام يضمن استمرارية هذه المؤسسات ونموها وتطورها دون الارتباط بأشخاص معينين، لأن المركزية الشديدة والمبالغ فيها التي اتبعها صدام عجلت بسقوط نظامه.
أما الدرس الرابع فيكمن في ضرورة التكامل القومي عبر ادماج الأقليات وضمان تمثيلها العادل في مؤسسات صنع القرار، حتى لا يكون الظلم الواقع على هذه الأقليات ذريعة للتدخل الأجنبي تحت شعارات عدة.
أحمد عبد الرحيم - الشارقة