ترك أسرته وأهله وأبناءه في السعودية منذ كان شابا يافعا وتوجه إلى أفغانستان أثناء احتلال الاتحاد السوفييتي السابق لهذا البلد. كان كغيره متأثرا بمن يتفردون بإطلاق لقب "مشايخ الدين" على أنفسهم، فصدق أن القتال في أفغانستان أهم من رعاية زوجته وأبنائه وأهله وحتى من أمه وأبيه!
لم يكن يدرك في ذلك الوقت أنه لا صلة له بأفغانستان، فهو من بلد عربي، يعيش فيه بأمان وسلام، وأفغانستان دولة أخرى ذات سيادة وتقاليد وقوانين وأعراف، ولا يجوز لشخص أن يزعم أنه سيقيم "إمارة إسلامية" بـ"حد السيف"، فيقوم بتهريب أسلحة وذخائر إلى داخل دولة مستقلة وذات سيادة لمجرد أن الأخ صدق نفسه أنه "المجاهد الأكبر" وأن العالم من حوله هو ملك لمزاجه وأهوائه. فالمنطق الذي أدخله بعض المنتمين للإسلام زورا، جعله يؤمن بأن العالم سوف يخضع له وللإمارة الإسلامية المزعومة التي ينوي إقامتها.
لم يكن يدرك أن العالم قد تغير، وأن المسلمين الأوائل الذين فتحوا بلاد السند والهند وشرق آسيا، هم غير المسلمين اليوم، وأن العالم اليوم هو غير العالم بالأمس. ونظرا لضيق أفقه وجهله الصارخ وسذاجة تفكيره، لم يصدق أن العالم اليوم عبارة عن دول ذات سيادة، وحكومات وشعوب وأنظمة ودساتير وقوانين ومنظمات وهيئات دولية وأمم متحدة ومجلس الأمن والاتحاد الأوروبي واتحاد دول شرق آسيا والجامعة العربية وغيرها. كل هذه الأمور لم يكن يفهمها لأنه كان فارغا، ولأن بعض "مشايخ الدين" كانوا قد أكملوا عملية غسيل مخه بالصراخ والزعيق من على منابر المساجد تارة، وبالجلسات التي يتم فيها إغواء الشباب المسلم ودفعه إلى الجنون تارة أخرى.
طال وجوده في بلاد الأفغان كغيره من الشباب المغرر بهم، ولم يأبه بمشاعر زوجته التي هجرها تاركا إياها تعاني ألم الفراق والحرمان من زوج تزوجته لتحفظ نفسها وتصونها من أي زلة أو هفوة أو إغواء أو انحراف. ولأنه أنجب بنتا، فإن هذه البنت عانت هي الأخرى من فراق الأب ومن الحرمان التام من حنان الأبوة.
وصدق نفسه بأنه "المجاهد الأكبر"، ولم يدرك أن هناك كذبة كبرى وراء من كانوا يسمون أنفسهم "المجاهدين الأفغان"، وأنهم في الحقيقة لم يكونوا سوى مجموعة من قطاع الطرق وأباطرة تهريب المخدرات. فصدق "الكرامات" التي كان "المجاهدون" يضحكون بها عليهم، وبأن قذيفة صاروخية يطلقها "مجاهد"، قادرة على اختراق عشر دبابات سوفيتية وتدميرها ثم تخترق الحدود لتصل إلى موسكو وتدمر كم دبابة هناك!؟
وبعد انتهاء مهزلة "المجاهدين الأفغان" واندثار ما يسمى بـ"إمارة طالبان" المتخلفة، عاد الأخ إلى أهله في السعودية، فأراد أن يمارس نفس العبث المتخلف الذي كان يمارسه في بلاد الأفغان، فتزعم تنظيم "القاعدة" في المملكة، وأخذ يعيث في الأرض فسادا، فروع الآمنين وسفك دماء الأبرياء، وارتكب جريمة حقيرة وبشعة حين قطع رأس أسير لا حول له ولا قوة، فأساء إلى الإسلام ولطخ صورة المسلمين. ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يسيئوا للدين الإسلامي الحنيف، لما استطاعوا أن يشوهوه بقدر ما شوهه هذا المتخلف الأمي.
اليوم سقط هذا الجاهل برصاص قوات الأمن السعودية التي كانت أعينها مفتوحة لما يقوم به مثل هذا الجاهل، فرفضت أن تسمح له بالعبث بأمن البلاد وأبنائها أكثر من ذلك، ورفضت أن تسمح لمفسد في الأرض أن يقلب حياة الآمنين إلى جحيم.
إنها نهاية إرهابي صعلوك، شوه صورة الدين الإسلامي الحنيف.. إنها سيرة حياة الإرهابي "عبدالعزيز المقرن" لمن أراد أن يعتبر.