تتوافر حاليا عدة أدوية جديدة تقدم آمالا غير مسبوقة في إمكانية علاج وشفاء سرطان الكلى، الذي يقول عنه الأطباء المتخصصون إنه يمثل شكلا من أشكال السرطانات، التي كانوا يجدون صعوبة بالغة في علاجها من قبل. هذا ما أعلنه الدكتور والتر إم. ستادلر خبير سرطان الكلى بجامعة شيكاغو مؤخرا، في كلمة ألقاها حول تلك العقاقير الجديدة، أمام المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لطب الأورام الإكلينيكي. ويعلق الدكتور ستادلر على تلك الأنباء قائلا: اعتقد أن ذلك سوف يمثل تقدما كبيرا، إذا ما قورن بأي شيء تحقق من قبل في هذا المجال.
وقد أشارت دراسة منفصلة تم تقديمها في المؤتمر نفسه إلى أن أدوية الستاتينزStatins التي كانت تستخدم على نطاق واسع لتقليل مستوى الكوليسترول في الجسم يمكنها أيضا المساعدة في منع الإصابة بسرطان القولون Colon Cancer. ولكن الخبراء يقولون إنه لا يزال من السابق لأوانه، أن يقوم الأصحاء بتعاطي هذه الأدوية لهذا الغرض على وجه التحديد. ومن المعروف أن أدوية علاج الكلى الجديدة، وهي كلها من الأنواع التي يطلق عليها أدوية العلاج المستهدفةTargeted Therapies تقوم بتغيير الطريقة التي يتم بها حاليا علاج سرطان الكلى، حيث تقوم بمهاجمة ميكانيزمات جزيئية معينة تحث على نمو الخلايا السرطانية. بيد أن الأكثر من ذلك هو أن تلك العقاقير تمثل نماذج لأحدث اتجاه علاجي في هذا المجال وهو ذلك الذي يعتمد على محاولة إعاقة عمل أكثر من ميكانيزم في وقت واحد. ويقول العلماء إن هذه الطريقة تحقق نجاحا يفوق ذلك الذي يتحقق عندما يتم تعطيل ميكانيزم واحد في المرة الواحدة ،تماما مثلما يؤدي وضع عدة حواجز طرق في أماكن متعددة إلى تعطيل المرور بأكثر مما يعطله وضع حاجز واحد فقط في مكان معين.
وهناك دواءان من بين الأدوية التي تم إجراء المناقشة بشأنها في المؤتمر المشار إليه آنفا يقومان بتعطيل أكثر من ميكانيزم في نفس الوقت. ويشار إلى أنه قد تم إجراء تجربة منفصلة على دواءين آخرين يستخدمان معا حيث كان كل واحد منهما يقوم بإعاقة عمل ميكانيزم واحد. وهناك دواء واحد فقط من بين الأدوية الأربعة متاح حاليا، أما الأدوية الأخرى فمن المتوقع أن يتم طرحها في السوق خلال السنتين أو الثلاث سنوات القادمة. وتشير الإحصائيات إلى أن عدد الأفراد الذين يصابون بسرطان الكلى في الولايات المتحدة سنويا يتراوح ما بين 30 إلى 36 ألف شخص يتوفى منهم 12,500 شخص. ويقول الأطباء إن ما بين 10 إلى 20 في المئة من الأشخاص الذين يعانون من سرطان الكلى، هم الذين يظلون على قيد الحياة بعد مرور سنتين على اكتشاف إصابتهم بهذا المرض.
وهناك دواء واحد معتمد لعلاج سرطان الكلى هو ( إنترليوكين-2)Interleukin -2. وفي حين أن هذا الدواء يمكن أن يؤدي إلى إزالة كاملة لكافة الخلايا السرطانية الموجودة في الكلى لنسبة تتراوح ما بين 3- 10 في المئة من إجمالي عدد المرضى الذين يتعاطونه، إلا أنه يتصف بأنه دواء شديد السمية لدرجة أن معظم المرضى يحجمون عن تعاطيه، كما أن الذين يتعاطونه منهم يتم وضعهم عادة في أقسام العناية المكثفة بالمستشفيات لمراقبة تأثير الدواء. وهناك دواء آخر هو (الفا إنترفيرون) Alpha interferon، يتم استخدامه لعلاج أنواع عديدة من السرطان. والمعلومات التي تم إعلانها في المؤتمر الأخير لجمعية الأورام الإكلينيكية في الولايات المتحدة، مستمدة من عدد محدود من التجارب التي تم إجراؤها دون إعطاء الأشخاص الذين أجريت عليهم أدوية وهمية أي أدوية حاكمة لضبط نتائج التجربة Placebo controls. وحذر الأطباء الذين قاموا بإجراء تلك التجارب دون إعطاء المرضى أدوية وهمية، أن النتائج التي أسفرت عنها تلك التجارب قد لا يمكن الحصول عليها من خلال التجارب الأكبر التي يتم إجراؤها بأسلوب استخدام مجموعتين عشوائيتين يتم تقديم التداخل الطبي المطلوب قياس فعاليته للمجموعة الأولى منهما والتي يطلق عليها( المجموعة التجريبية) بينما يتم إعطاء المجموعة الثانية تداخلا معياريا بغرض المقارنة ويطلق عليها اسم(مجموعة الشاهد).
مع ذلك فإن المعلومات التي تم تقديمها عن الأدوية الجديدة لا تشير إلى أن تلك الأدوية تؤدي إلى إطالة العمر، وأن كل ما هنالك هو أنها تقوم فقط بتقليص نسبة الأورام لدى بعض المرضى، أو تحول دون نمو وانتشار تلك الأورام على أقل تقدير.
وبالنسبة لمرض مثل سرطان الكلي فإن تلك النتيجة في حد ذاتها تعتبر إنجازا. ويقول الدكتور روبرت جيه موتزر بمركز ميموريال سلوان كيتيرينج لعلاج السرطان بمدينة نيويورك، والذي أشرف على التجارب الخاصة بأحد تلك الأدوية( إس يو 11248) إن هذا الدواء يعتبر أول دواء يقوم باستخدامه على مدى عشرين عاما، يحقق مثل هذه النتائج المشجعة. وهناك دواء ثالث يطلق عليه اسم( باي 43- 9006 ) أثبتت التجارب أنه قد أدى إلى تقليص حجم الأورام أو إيقاف نموها في 82 مريضا من بين مئة وستة مرضى معظمهم كانوا قد خضعوا لأنواع أخرى من العلاج ولكنها لم تحقق نجاحا. وقد تقلصت الأورام بمق