تعود المفاوض الإسرائيلي دائماً أن يحصر هدف أي خطوة، يتم اتخاذها على طريق التسوية مع الفلسطينيين، في إطارها الأمني لا السياسي. وهذه الطريقة في التعامل تجعل أي تطور يتم اتخاذه في هذا المجال مبتوراً كونه لا يأتي ضمن عملية سياسية متكاملة. وضمن هذا الإطار يأتي الجدل الدائر الآن حول الانسحاب الإسرائيلي من غزة كنموذج على السياسة الإسرائيلية التي تفضل دائماً خطوات أحادية الجانب لا تمكن الطرف المقابل في التفاوض أو حتى الإتفاق على التفاصيل. حكومة شارون مصرة على أن تكون عملية الانسحاب من غزة جزءا من عملية أمنية أحادية الجانب بينما تسعى اللجنة الرباعية إلى ادماج هذا الانسحاب في خطة "خريطة الطريق".
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن إلى متى تراوغ اسرائيل بطرح خطوات أمنية تُشكل هروباً من الاستحقاقات السياسية التي تتضمن الانسحاب من الأراضي الفلسطينية وعودة اللاجئين ورسم الحدود ...الخ؟ الإجابة على هذا السؤال تقتضي جهداً فلسطينياً على الصعيد الدبلوماسي يتمثل في دفع العملية التفاوضية إلى الأمام حتى لا تبرر تل أبيب خططها الأحادية بعدم وجود مفاوضين فلسطينيين أو بالأحرى غياب "شريك فلسطيني" في عملية السلام حسب الادعاءات الإسرائيلية. ويتعين على المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة وبقية أعضاء اللجنة الرباعية أن يمارسوا ضغوطاً حقيقية على حكومة شارون كي تنفذ بنود "خريطة الطريق".
وإذا كانت اسرائيل تحاول اختزال القضية الفلسطينية في الملف الأمني فقط خدمة لأهدافها الخبيثة المتمثلة في المماطلة في تنفيذ بنود "خريطة الطريق" فإن الدول الراعية للسلام، المجتمع الدولي والمجتمع الإسرائيلي، وجميع بلدان المنطقة متأكدة من أن الحلول الأمنية لن تحقق السلام ولن تضمن حلاً شاملاً للنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.
حسين محمود-أبوظبي