شنت الولايات المتحدة حربها على العراق بحجة امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل، لكن لم تعثر واشنطن حتى الآن على هذه الأسلحة. وفي الآونة الأخيرة تحاول الإدارة الأميركية التأكيد على وجود علاقة بين النظام العراقي المخلوع وتنظيم "القاعدة"، غير أن تقرير لجنة التحقيق في أحداث الحادي عشر من سبتمبر نفى وجود هذه العلاقة. لكن من يتابع المشهد العراقي منذ سقوط صدام إلى الآن يجد أن الولايات المتحدة وفّرت في بلاد الرافدين مناخاً خصباً للإرهاب، ذلك لأن الفوضى وغياب الأمن ومخازن الأسلحة المجهولة هنا وهناك ووجود ميليشيات مسلحة كل هذا يجعل من العراق ملاذاً آمنا للإرهاب، وهو ما يعني في التحليل الأخير أن واشنطن التي لا تزال تخوض معركة عالمية ضد الإرهاب ها هي الآن تفتح الباب على مصراعيه أمام مواجهة حقيقية بينها وبين الإرهاب في ساحة حرب دخلتها إدارة بوش تحقيقاً لمصالحها الإستراتيجية لا من أجل التخلص من تهديد إرهابي وشيك.
إدارة بوش لم تخطط جيداً لعراق ما بعد صدام وهي الآن تدفع الثمن. ذلك لأن الفوضى التي لا تزال تعم عراق ما بعد الحرب شكلت بيئة خصبة لأعداء أميركا، سواء من التنظيمات الإسلامية المتشددة أو التيارات السياسية المعادية لواشنطن، ما يعني أن الحرب على العراق لم تكن، حسب المنطق الأميركي، أداة لتحقيق النصر في المعركة العالمية ضد الإرهاب، بل إنها بمثابة زيت تم صبه على نار الإرهاب الدولي ليزداد اشتعالاً. إن واشنطن اليوم لا تواجه صدام حسين أو اتباعه والموالين إليه، بل تواجه مجموعات صغيرة تقودها شخصيات مغمورة، ليصبح العدو الأميركي غامضاً والمعلومات المتعلقة به أكثر ضبابية من ذي قبل لأن جبهة جديدة للإرهاب قامت أميركاً، من غير قصد، بفتحها في العراق لتكتوي بنار الإرهاب في بلاد الرافدين.
محمود سعيد - دبي