تكرر المشهد مرة أخرى، فهذا بول مارشال يقطع رأسه بوحشية ويزداد مخزون الكراهية للإسلام. باسم الإسلام قتل ما يزيد على أربعة آلاف، عندما اصطدمت طائرتان ببرجي نيويورك، وباسم الإسلام تفجر السفارات ويموت الأبرياء، وباسم الإسلام قتل مئات الأبرياء في بالى، وباسم الإسلام قتلت أرواح بريئة في الرياض، وباسم الإسلام يقتل الأبرياء في العراق. وباسم الإسلام قتلت الممرضة الأميركية بوني التي ذهبت إلى صيدا في لبنان للأعمال الخيرة، وباسم الإسلام يتبارى الزرقاوي وابن لادن في من يملك أكثر مخزون من دماء الأبرياء. وباسم الإسلام يقود مقتدى الصدر الذي لم يصل الثلاثين من عمره، ميليشيات تقتل الأبرياء ويقولون عنه قائداً إسلامياً.
وباسم الإسلام ينحر "بيرغ " الشاب الأميركي أمام عين الكاميرا، ويتلذذ قاتلوه بصيحات بيرغ التي اختلطت بصيحات "الله وأكبر" وينحر السويدي والفليبيني والهندوسي تحت شعار محاربة الكفار والمشركين في أرض الجزيرة العربية. من قام بهذه الأعمال الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية ويتزلزل لها ضمير البشرية، ويتباهى بأعماله الوحشية، يشبع رغبات مريضة تنمّ عن تدهور أخلاقي في المجتمعات الإسلامية.
وباسم الإسلام تضيق الحريات العامة، وباسم الإسلام يمنع الغناء والاختلاط بالرجال، وباسم الإسلام يريدون أن يشيدوا عالمين واحدا للرجال وآخر للنساء. أشاعوا فكر الترهيب والتخويف تحت حجة حماية ثوابت الأمة.
لم نسمع عن مظاهرة خرج بها المسلمون الغيورون على دين الله، للجرائم التي ترتكب باسم هذا الدين العظيم، ليعبروا عن رفضهم للأعمال الوحشية التي تسيء للإسلام.
استطاعت بعض هذه الجماعات الخارجة عن الإسلام، أن تبث الرعب في العالم، وأن تبدأ الدول الحرة بمراقبة المساجد وتضيق الخناق على المسلمين خوفاً من هجماتهم على الأبرياء، ويفقد الإسلام نصاعته وطهارته على أيدي بعض هذه المنظمات الإسلامية الإرهابية التي شوهت الإسلام بوحشيتها.
الحقيقة تقول إننا نواجه أزمة كبيرة يدفع ثمنها الإسلام، ذلك الدين الكبير الذي أنتج لنا حضارة إنسانية ضخمة، وفي كل يوم ترتكب حماقة بعض من هؤلاء المارقين يزداد الحنق على الإسلام، وأمة الإسلام لا تحرك ساكنا، بل تتضاعف خسارتنا، وتتباعد المسافات بيننا وبين بقية ثقافات الشعوب غير المسلمة.
نحن بأمسّ الحاجة إلى المكاشفة ومحاسبة النفس على ما ارتكبته أنظمتنا الرسمية التي ساعدت على تفشي ظاهرة العنف، دون أن تدرك ضخامة ما تقوم به.
دور الإفتاء توزعت على بقاع الأرض، وكل من هب ودب يقدم لنا فتوى يوسع فيها مساحة التحريم، فهذا يقول مشاهدة القناة الحرة حرام، والآخر يقول ستار أكاديمي رجس من عمل الشيطان، والموسيقى والفن خطر على الإسلام. ويأتي من يقول لنا لا تتبادلوا الورود ، حيث إنها بدعة ابتدعها الكفار.
منابر الإفتاء الهزيلة حان إقفالها وتشميعها بالشمع الأحمر، حمايةً لأمة الإسلام، ويا ليت تبدأ دول مجلس التعاون الخليجي تفكر جديا بتقنين الفتوى، ونعمل على قيام مركز إفتاء موحد تدرس فيه الفتوى بأبعادها المختلفة قبل صدورها، وأن يتم تدارسها من علماء من ذوي الحنكة والخبرة ينتمون إلى كافة حقول المعرفة، وألا تقتصر الفتيا على علماء الشريعة الإسلامية فقط. فالفتوى الشرعية في أي مجال من مجالات المعرفة بحاجة إلى تعاضد جهود المفكرين في كافة مجالات المعرفة، ولعلنا بذلك نحد من التدهور الذي يشهده عالمنا الإسلامي.