كنا حينما نشاهد أحد أفلام العنف نغمض أعيننا أو نقفل التلفاز أو نحاول أن نجنب أطفالنا مشاهدة هذا النوع من الأفلام حفاظاً على براءتهم وعدم خدش طهارتهم. وكنا حينما تروى لنا قصص الحروب وما عاناه أجدادنا من مجاعة ومروا خلاله من أهوال نظن أنفسنا من المحظوظين بأننا جيل لم يعش هول الحروب. الواقع أن حروب الكبار أمست حروب الصغار إن صح التعبير، وهي تترجم بحرب دينية هنا وحرب أهلية هناك، بمنظمة تقتل هنا ومنظمة تثأر هناك. وباتت تكنولوجيا الإعلام تنقل إلينا لحظة بلحظة وقائع الحدث بالخبر وبالصورة وبلا رقابة أو مونتاج.
من فلسطين إلى أوكلاهما سيتي إلى حرب لبنان، إلى برجي التجارة إلى الفليبين إلى أفغانستان إلى البوسنة والهرسك وإلى الجزائر والسودان حلقة العنف واحدة أما مشاهدها فبدأت تختلف. من القتل على الجبهات إلى القتل في كل الجهات، ومن حرب الخنادق إلى حرب الشوارع، ومن القتل بالرصاص إلى القتل بالتفجير والسيارات المفخخة، إلى الاغتيالات بالطائرات والخطف والسجن والتعذيب بوسائل شنيعة ووحشية. أما الآن بدأنا ننتقل إلى وسيلة الذبح، وسيلة قتل جديدة والإنسانية هي الضحية، القتل جريمة وليس هناك من جريمة حضارية وجريمة بدائية فمن يذبح بالخنجر كمن يغتال بالأباتشي، ومن يقتل بالدبابة كمن يقتل بالغاز السام، ومن يقتل باختطاف طائرة بركابها ويحولها إلى صاروخ يفجرها بمن فيها في برجي التجارة العالمي هو كمن يحاصر قرية بكاملها ويدمر بيوتها فوق رؤوس ساكنيها. إنها كلها أعمال مدانة، أعمال متوحشة، يجب أن تُدان لأنها في النهاية جريمة قتل لا أكثر ولا أقل ارتكبها الزرقاوي أم شارون، صدام أم بوش صادق عليها بن لادن أم بوش إنه قرار بمواجهة الجريمة بجريمة مماثلة ومن هنا تبدأ حلقة العنف ولن تنتهي.
شوقي أبو عياش - لبناني مقيم في غينيا