انسحاب شارون "السخي" من غزة... وانهيار السبب الثاني لاجتياح العراق


 


 انتصارات اليسار في انتخابات البرلمان الأوروبي، وتغير استراتيجية القاعدة بالتركيز على تهديد صناعة النفط، ونذر قيام "حكومة وحدة وطنية" في إسرائيل، وتقرير لجنة التحقيق في أحداث سبتمبر، أربعة موضوعات نجمع عنها قصاصات من صحافة باريس لهذا الأسبوع.


انتصار ساحق


 بهذه العبارة عنون رئيس التحرير جان دانييل افتتاحية مجلة لونوفل أوبسرفاتور التي خصصها للانتصار التاريخي الذي حققه الحزب الاشتراكي الفرنسي في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة، التي مني فيها معظم الأحزاب الحاكمة في أوروبا بهزائم مخزية. ويقول الكاتب اليساري المعروف:"كانت أخباراً طيبة لأن وصول المزيد من الاشتراكيين سيعمل على إعادة التوازن إلى برلمان ستراسبورغ الأوروبي، الواقع منذ فترة تحت ضغط وتأثير أحزاب اليمين. ولكن الانتصار هذه المرة ساحق، بمعنيي الكلمة كليهما. فمع أنه كان ساحقاً للمهزومين، فإنه لا يوفر المنتصرين في الانتخاب أيضاً". ولعل أحد مظاهر هذا الضغط يظهر ليس في هزيمة شيراك وحزبه فقط، بل في هزيمة أحزاب أقصى اليسار كالشيوعيين والخضر وغيرهم أيضاً، ولذا تحقق ما يشبه الإجماع الوطني على الاشتراكيين باعتبارهم "منطقة مواقف" وسط يسمح الالتفاف حولها بإدانة الحكومة وحزبها من جهة وإدانة اليسار المتطرف من جهة أخرى. أما صحيفة لوموند فقد اهتمت بشكل خاص بالاتفاق الذي تحقق هذا الأسبوع على الدستور الأوروبي، بعد أن ظلت ورشة هائلة من الخبراء والقانونيين تواصل الليل بالنهار منذ 28 شهراً للعمل على إنجازه. وهو إنجاز يحسب للرئاسة الأيرلندية للاتحاد الأوروبي، وخاصة بعد المناورات الدبلوماسية المؤثرة التي قام بها بيرتي أهيرن رئيس الوزراء الأيرلندي للتغلب على نقاط الخلاف الحادة بين القادة الأوروبيين قبل إقرار الدستور. كما اهتمت لوموند بشكل خاص بالتجاذب الذي لم يحسم بعد على خلافة رومانو برودي في رئاسة الاتحاد، وأبرزت أسباب هذا التجاذب.


القاعدة والصدمة النفطية


في افتتاحية صحيفة لوفيغارو ليوم الخميس اختار الكاتب بيير روسلين هذا العنوان للحديث عما اعتبره استراتيجية جديدة يبدو أن تنظيم القاعدة بدأ يتبناها، سعيا إلى جعل أزمة النفط وأسعار الوقود تزحف بشكل مستمر لتشغل الرزمة الأكبر في حافظات أوراق السياسيين والمعلقين الغربيين. هل الغرب على مشارف معركة نفط جديدة؟ في إجابته يجزم الكاتب بأن هذا هو ما يحصل الآن تقريباً، لكن المعركة هذه المرة ليست مع الأنظمة العربية، وإنما مع المجموعات الإرهابية. ويربط روسلين بين تخريب خط نفط جنوب العراق هذا الأسبوع، واغتيال مسؤول أمن نفط الشمال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى الأحداث الواقعة في المملكة العربية السعودية منذ أول مايو، من مهاجمة مواقع شركات لها صلة بالإنتاج كما حصل في الخبر وينبع، ثم التحول إلى اختطاف وقتل العمال والخبراء الأجانب الذين يعد وجودهم في المملكة مفيدا ومساعداً لسير عملية إنتاج النفط. وفيما يتعلق بالعراق فالرسالة من مهاجمة النفط مزدوجة: للحكومة العراقية الجديدة، أن عليها عدم وضع النفط في الحساب لإعادة الإعمار حتى لو تسلمت السيادة. وللغرب: بأن إغلاق حنفية النفط العراقي سيربك ما تسعى إليه أوبك من تخفيض للأسعار، بزيادة الإنتاج، وخاصة أن الدول المنتجة ستجد صعوبة في تعويض الإنتاج العراقي. أما فيما يخص السعودية وهي أكبر منتج عالمي للنفط، فهدف الإرهابيين - يقول روسلين- هو إرباك عملية الإنتاج. صحيح أن السعوديين يستطيعون تشغيل منشآت النفط لديهم حتى لو رحل العمال والخبراء الأجانب، الذين أصبحوا هدفاً للقاعدة، إلا أن ذلك سيؤثر على صناعة النفط السعودية على كل حال، مما سيكون له أثر نفسي على الأسواق والأسعار في العالم.


الانسحاب "السخي"


 في صحيفة لومانيتيه كتب بيير باربانسي افتتاحية حول ما يلوح في الأفق الآن في إسرائيل من إمكانية قيام تحالف أو حكومة وحدة وطنية، بين شارون وحزب العمل الإسرائيلي. ويرى الكاتب أن شارون يمر الآن بواحدة من أريح فترات حكمه، "فالشمس مشرقة، والسماء صافية، ولا منغصات ولا سحب تكدر صفوها، سوى ما يبديه الفلسطينيون، على رغم كل شيء، من مقاومة.. لقد أصبحت القضايا في المحاكم بتهم الفساد وراء ظهره الآن". وهكذا يمكننا القول إن "البلدوزر" أصبح حراً في الانطلاق في طريقه. وطريقه يمر بغزة، التي سينسحب منها "انسحاباً سخياً"، "سخياً" جداً، لكن بشرط واحد هو أن يظل مسيطرا على حدودها البرية والبحرية ومجالها الجوي. فقط أن يخرج من مغاصات رمال غزة الموحلة وأحيائها المزدحمة "الموبوءة" بالمقاومين، مقابل أن يستولي على أراض خصبة غزيرة المياه في الضفة الغربية. ويرى باربانسي أن جدار لابارتايد العنصري