تحت عنوان "إذعان شافيز دليل على فاعلية الضغوط" نشرت "وجهات نظر" يوم الأربعاء الموافق 16-6-2004 مقالاً للمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية "مارك فيرشتاين" ركز خلاله على استفتاء الإعادة الذي سيجرى في دولة فنزويلا. وضمن ردي على ما ورد في المقال أرى أنني لم أفاجأ بذلك النقد الظالم الذي كاله الكاتب للرئيس "هوغو شافيز".
الكاتب اتهم شافيز بالاستبداد والفاشستية، وهذا الاتهام يعد قمة "الاستهبال" السياسي الذي يحاول بعض المحللين السياسيين الأميركيين إقناعنا به عن كل نظام لا يتماشى مع الخط العام للسياسة الأميركية، كون مجرد قبول الرئيس لإجراء الاستفتاء يعطي الدليل الساطع على أنه يؤمن بالديمقراطية حتى وإن كان الكاتب أدخل ذلك الإذعان من باب المفاجآت، وذلك لأنه في الأصل عندما جاء إلى سدة الرئاسة جاء عن طريق انتخابات حرة نزيهة شارك فيها ملايين الناخبين. وكان بإمكانه المماطلة والاكتفاء بمسيرة مضادة تضاهي ما حشده معارضوه إلى أن تنتهي مدة ولايته، دون أي توجس من تلك التكاليف التي يتحدث عنها الكاتب إذا ما أعاق بوسائل غير شرعية الاستفتاء، لأن الاضطراب الداخلي قد جربته المعارضة سابقاً ولم يفلح حتى أنه وصل إلى محاولة إفلاس الدولة نتيجة تعطيل العمل في القطاعات الحيوية كالنفط مثلاً، ما دفع شافيز إلى استقدام عمالة خارجية، أما الإدانة الدولية فلن تجدي لأن شافيز كما أسلفت يظل رئيساً منتخباً.
لو كان شافيز يحب السُلطة لفعل ما يفعله بعض الزعماء في العالم الذين يذبحون شعوبهم ليل نهار ولكنهم موغلون في العمالة لأميركا، ومثال ذلك الجنرال بينوشيه الذي لم تستطع أي مؤسسة قضائية محاكمته حتى في بريطانيا بالرغم مما خلفه حكمه من مآسٍ لا زال أهلها حتى الآن يعانون من تبعاتها.
إلا أن الرئيس الفنزويلي، ومن باب اقتناعه بخيار شعبه وإدراكاً منه بأن هذا الشعب يضع ثقته فيه كاملة أراد توجيه صفعة أخرى إلى تلك الثلة الغوغائية -المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية - رداً على محاولة الانقلاب الفاشلة التي حاولت الإطاحة به عن كرسي الرئاسة قبل عامين، والذي لم ترحب بها أية دولة في العالم، عدا الولايات المتحدة. وعلى رغم أنني أعارض ما ورد في هذا المقال، فإنني اتفق مع الكاتب بأن الاستفتاء خطوة مهمة لفنزويلا لأنها ستظهر بنتائجها مدى النفاق والزيف السياسي الذي تمارسه أميركا في حق الدول والشعوب التي لا تتماشى سياستها مع الخط الرسمي للمصالح الأميركية.
بتار ولد محمد المختار - موريتانيا