رغم كثافة الاجتماعات التي تعقدها المؤسسات الأمنية الخليجية لمعالجة قضايا التطرف والإرهاب، إلا أن كثافة العمليات الإرهابية في السعودية أكدت ضعف التعاون الأمني. وهشاشة الاتفاقيات الأمنية الخليجية تؤكد على مبدأ "أن التصدي للعمليات الإرهابية لابد أن يأتي بشكل جماعي من جانب دولها". حتى هذه اللحظة لم نلمس نتائج هذا التعاون، فقد نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" والصحف الكويتية خبر مقتل فيصل المطيري الذي انخرط للعمل الجهادي في العراق، وأوردت أنه كان يدرس العلم الشرعي في مكة المكرمة قبل أن يذهب للجهاد في العراق عن طريق سوريا.
من أهم الدروس المستفاد منها مما يحدث في السعودية من إرهاب هو أن الأجهزة الأمنية الخليجية مخترقة من قبل الجماعات الإسلامية الأصولية، والدليل على ذلك أن فيصل المطيري كان يعمل في الأجهزة الأمنية الكويتية وأنه كان يوزع الأشرطة التي تدعو للجهاد على المصلين في المساجد في الكويت بدون أن يلتفت إليه أحد. في السعودية معظم الأسلحة التي وجدت مع الجهاديين إما مسروقة من الحرس الوطني أو مهربة من العراق عبر الكويت، وقد نجحت الأجهزة الأمنية الكويتية في القبض على بعض المهربين.
لقد حذرت الولايات المتحدة ودول التحالف الغربي من ظاهرة انخراط المجاهدين الخليجيين للعمل الجهادي في العراق. فمعظم الجهاديين العرب والخليجيين يأتون من هذه الدول واليمن عبر السعودية وسوريا. فالصحف أوردت خبر تسلل أكثر من 150 ألف متسلل للأراضي العراقية في الثلاثة أشهر الأولى من عام 2004. احتلال العراق وفشل دول الخليج العربية في منع جهاديي الخليج من الجهاد في العراق سيشكل مشكلة كبيرة لهذه الدول وخصوصاً أن جماعات الإسلام السياسي في الخليج نجحت في تنظيم المظاهرات في أكثر من دولة خليجية، منها الكويت والبحرين وقطر، كلها تندد بالتواجد الأميركي في العراق، وبعض التنظيمات السياسية الخليجية تدعو عبر شبكات الإنترنت الخاصة بها للجهاد ضد القوات الأميركية فضلاً عن ظهور بعض الجماعات الأصولية الجديدة التي تتبنى فكر "القاعدة" مثل "المجاهدون في جزيرة العرب" والموحدون.
لقد كشفت لنا الأحداث المؤلمة في السعودية أن الأرضية التي مهدت للإرهاب موجودة بيننا. فالفكر المتطرف لم يأت من الخارج كما كانت تدعي الأنظمة الخليجية، بل هو أصيل من الداخل. فالمدارس والمعاهد الدينية المنتشرة في الخليج أصبح معظمها يغذي هذا الفكر المتطرف، والأفكار الداعية إلى كراهية الآخرين واحتقارهم لا تزال منتشرة في مجتمعنا، فما على الإنسان إلا أن يذهب لصلاة الجمعة في بعض المساجد في الكويت أو يشتري بعض الأشرطة والكتب والمجلات من المكتبات الدينية ليتأكد من ذلك. المواطن الكويتي فيصل المطيري كان يعمل في الأجهزة الأمنية ومع ذلك كان يوزع الأشرطة الداعية للجهاد ضد الغرب، وقد درس وتعلم في المدارس الدينية في مكة المكرمة حيث درس "التعليم الشرعي".
ماذا عن المستقبل؟ نتصور أن دول الخليج العربية عليها أن تعترف وتقر بأنها فشلت في محاربة الإرهاب في بلدانها رغم كثرة الخطب والتهديد باجتثاث الإرهاب من جذوره. فالقضية لها أبعاد اجتماعية واقتصادية لا يمكن حلها بالمنظور الأمني فقط، لذلك لا غرابة من لجوء دول الخليج وعلى رأسها السعودية إلى طلب المساعدة من الدول الغربية والولايات المتحدة لمساعدتها في حملاتها القوية ضد الإرهاب والإرهابيين.