يقول صديق ليبي: ذكرني الحديث عن إمكانية براءة العقيد معمر القذافي من محاولة اغتيال الأمير عبدالله بالزوجة التي غاب عنها زوجها سنين في الغربة بحثاً عن لقمة العيش منقطعاً عن الاتصال الجسدي معها، ولما عاد وجد لديها خمسة أطفال، فصعق لذلك وكانت صعقته أشد حين قالت إنهم جميعا أبناء زوجها، ووسط غضبه وانتظاره راحت تشرح له كيف أن الأولاد جميعا أبناء أبيهم. فالولد الأكبر حملت به أمه من آخر ليلة كانت فيها مع زوجها قبل تغربه. أما الثاني فقد حلمت بانتقال بقايا زوجها لجسدها. وأما الثالث فقد حملت به بعد أن حلمت حلما رومانسياً ساخناً بالاتصال بزوجها ليلة فلقحت به. وأما الرابع فقد حملت به خيالا وشهوة وهي تتخيل علاقتها بزوجها، وسكتت برهة، فقال لها زوجها: أكملي، وماذا عن الخامس؟، فقالت: يا حبيبي، خطية، وقفت على هذا.
قال لي صديقي الليبي: هب أن براءة العقيد القذافي من محاولة اغتيال الأمير عبدالله ثبتت- وإن كنت أرى ذلك ضربا من المستحيل- فهل يعني ذلك براءة القذافي ونظامه عن جرائم لا تعد ولا تحصى في حق الشعب الليبي وحقوق شعوب كثيرة في العالم، من تشاد ولوكيربي، وحتى الفلبين وأيرلندا؟
لقد صادر العقيد الشعب الليبي وخيراته وإنسانيته لأكثر من ثلاثة عقود، وأدخل البلاد في متاهات مشاريع عبثية مثل "نكتة النهر العظيم"، والمليارات الخمسة والعشرين التي لو صرفت بذكاء لروت ليبيا ماء صحيا رخيصا معبأ لمدة ألف عام. ودمر مقدرات ليبيا وراح يعبث بالدولارات على الإرهاب والفوضى في كل مكان، وتسبب في شروخ وتخريب العمل العربي المشترك، بل وحتى التضامن الإفريقي بأبسط صوره، كان للعقيد دور ديماغوجي في إضعافه.
ومن أشهر سجلات نظامه الإجرامية، اختطاف الإمام الصدر مؤسس حركة أمل ومرافقيه، ومذبحة الستمائة سجين ليبي الشهيرة، وطرد آلاف الأسر الفلسطينية التي لا ذنب لها سوى أن العقيد زايد على عرفات واتهمه بالخيانة بعد توقيع اتفاقية أوسلو، فكان على آلاف الأطفال والنساء والأسر الفلسطينية أن يشردوا وتتقطع بهم السبل في الصحراء القاحلة، لأن العقيد أراد أن يعاقب عرفات بهم!.
وجاءت جرائم تفجير الطائرات المدنية، والمطاعم الألمانية، ومقتل الشرطية البريطانية التي كانت تنظم مسيرة سلمية ضد القذافي في لندن. ومخطئ من يعتقد بأن الغرب سيرضى بالمليارات التي دفعها القذافي للتغطية على تلك الجرائم البشعة. فالغرب بعد أن يأخذ التعويض المالي، سوف يطالب بالعقاب لمن تسبب في تلك الكوارث. والأخ العقيد يدرك ذلك، فكان أن فتح ترسانته العسكرية، ورفع يديه أمام التفتيش الدولي على أسلحة الدمار الشامل، وسلم "الخيط والمخيط" كما يقول المثل لينجو برأسه.
إن توني بلير وحكومته مطالبون بتفسير زيارة القذافي في مارس الماضي، ومصافحته بعد أن ثبت أن قصة محاولة اغتيال الأمير عبدالله بدأت في أغسطس الماضي، وأميركا وبريطانيا بالدرجة الأولى مطالبتان بأن تشرحا كيف يكيل الغرب بمكيالين، وكيف له أن يزيل صدام، ويصافح القذافي؟.
إن براءة القذافي- يكمل صديقي الليبي- من محاولة اغتيال الأمير عبدالله، لن تكون بأية حال من الأحوال صك براءة له على الجرائم التي اقترفها ولا يزال في حق الشعب الليبي. فالقذافي مدان وإن ثبتت براءته من هذه التهمة الكبرى.