حملات الدعاية المكثفة التي تقوم بها الوكالة اليهودية عبر العواصم الأوروبية والتي تتركز حاليا في فرنسا لإقناع اليهود الفرنسيين بالهجرة إلى إسرائيل لن تفلح في جذب اليهود والتهافت على ''ارض السمن والعسل'' وهذه الحملات لن يكتب لها النجاح أو الصمود أمام سيل الهجرة المعاكسة لليهود من ''أرض الميعاد'' ليعودوا من حيث أتوا بحثا عن الأمن والأمان الذي سلبهم إياه شارون و العصابات الصهيونية المتطرفة التي أحالت حياتهم إلى جحيم بعد أن تحولوا إلى رهائن لسياسات دموية امتد أثرها إلى الرأي العام العالمي الذي يعتبر إسرائيل تهديدا للسلام والأمن العالمي وقد تحدث عن ذلك بوضوح استطلاع للرأي لمواطنين من دول المجموعة الأوروبية مؤخرا ورفضته حكومة شارون واليمين المتطرف واعتبرا ذلك معاداة للسامية!
الحملات المحمومة التي تطلقها إسرائيل لجذب مهاجرين يهود تعبر عن المأزق الذي تعاني منه إسرائيل بعد أربع سنوات من الحرب العبثية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل ووضع المنطقة على حافة الهاوية، والتي أفرزت العديد من المشاكل والمعضلات في المجتمع الإسرائيلي تتقدمها الهجرة المعاكسة والهاجس الأمني والبطالة والتضخم ،وبدلا من أن يأتي اليهم شارون كما وعدهم بالأمن والرخاء زج بهم في أتون دوامة العنف والدم والخوف·
الشعب الفلسطيني ومن خلفه الأمة العربية مدوا يد السلام إلى شارون والشعب الإسرائيلي وطرحوا مبادرة سلام شامل تبنتها القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 و لكن رد عليها شارون بمزيد من العدوان والدموية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يدافع عن حقوقه المشروعة ويكافح من أجل إقامة دولته المستقلة والعيش بسلام مع جيرانه وفي محيطه العربي بعد أكثر من خمسين عاما من التشريد والهجرة والعذاب.
سياسة العدوان وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية وجدار الفصل العنصري لن تجلب لإسرائيل الأمن والسلام وستتواصل الهجرة العكسية طالما تختطف إسرائيل عصابة متطرفة لا تعترف بالسلام ولا تحترم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ولا تحترم المواثيق والمعاهدات الدولية، بل تسعى اليوم وهي تمضي في خطة الفصل المزعومة من قطاع غزة والانسحاب من بعض المناطق في الضفة الغربية المحتلة إلى شراء جزر في البحر الأبيض المتوسط والمحيطين الهندي والهادي لتهجير الفلسطينيين إليها من الضفة وغزة وكذلك فلسطينيي 48.
السلام له ثمنه وقد دفع الفلسطينيون ومعهم الأمة العربية والمنطقة ثمنا باهظا للسلام المنشود على أسس العدل والشرعية ،وعلى إسرائيل التي استسلمت لشارون وعصابة المتطرفين ان تحرر نفسها من الفكر المتطرف وتخطو باتجاه السلام الحقيقي الذي يوفر الأمن والاستقرار للجميع ويضع المنطقة على عتبة جديدة من الازدهار والاستقرار والتعايش.