... ظهور صور المواطن الأميركي بول جونسون الذي اختطفته جماعة إرهابية من منزله بالعاصمة السعودية الأسبوع الماضي، على أحد المواقع المشبوهة في شبكة المعلومات الدولية ''الانترنت'' الليلة قبل الماضية وهو معصوب العينين، ممزق الثياب، بلا حول ولا قوة، وبجانبه مسلح ملثم يهدد بقتله، إرضاء وإشباعا لغريزة القتل وسفك الدماء المتأصلة في نفوس عناصر هذه الجماعات الخارجة عن كل شرعة والساعية إلى كل بدعة، يعكس الوجه الوحشي واللا إنساني للإرهابيين الذين يحاولون في يأس واضح النيل من أمن واستقرار المملكة العربية السعودية الشقيقة، وتعمل قواها الأمنية ببسالة ورباطة جأش على استئصال شأفتهم وتطهير أرض الحرمين الشريفين منهم ودرء خطرهم وشرورهم على مواطنيها والمقيمين فيها.
إن استغلال الجماعات الإرهابية للفضاء الواسع لشبكة الانترنت، ومحاولاتهم الرامية إلى تحويلها إلى مكب لنفاياتهم الفكرية، ومضخة لسمومهم السياسية، ومذبح للأبرياء والعزل، قد وصل إلى مدى بالغ الخطورة والحساسية، بعد توالي نشر صور الترويع والقتل والذبح، والخطب والبيانات التي تحض على العنف والكراهية بين بني البشر مما ينذر باندلاع واشتعال العداوات والثارات الدينية والعرقية، الأمر الذي يهدد السلم والأمن الدوليين، ويتطلب بالتالي تحركا عاجلا من المجتمع الدولي لوقف هذا الاستغلال البشع لهذا الفضاء الحر الذي يفترض أن يكون متنفسا وساحة لتبادل العلوم والمعارف وإشاعة الألفة والتواصل بين الشعوب، أما أن يتحول إلى ملاذ وبوق لخدمة من يريدون هدم الحضارة البشرية والعودة إلى عهود الظلام والجهل، فهذا ما لا يجب السكوت عليه مهما كانت التبريرات والذرائع.
ومما لا جدال عليه أن تلويث شبكة الانترنت بهذه الصور والمشاهد المروعة للرهائن والمخطوفين، جريمة تصنف في قائمة الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية، ليست في حاجة إلى شهود ومدعين لإثباتها، تتطلب فقط جهدا جماعيا لمطاردة واعتقال مرتكبيها والمسؤولين عن تصويرها وإذاعتها، وجلبهم إلى ساحات العدالة لينالوا جزاء ما اغترفت أيديهم من دماء الضحايا الأبرياء.