ماذا يحدث لشقيقتنا الكبرى المملكة العربية السعودية، فهي لا تفكر في المنام حتى تصحوا مجددا على أخبار زعزعة الأمن المتنقلة من مدينة الرياض إلى الخُبر فما الخبر؟!
اليد التي تؤلم العالم اليوم هي الأمن بالمفهوم العام والخاص، فأمن الدولة جزء لا يتجزأ من أمن المجتمع في جميع أبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية وغيرها من التفريعات إلا أنها في النهاية تمثل هاجسا خليجيا وليس سعوديا فقط.
فكما الأمن لا يتجزأ في البلد الواحد، فكذلك بالنسبة لدول مجلس التعاون، فما حدث وما زال يحدث في المملكة يوجعنا جميعا لأن الهدف الأكبر للإرهابيين الذين يعيشون على هامش الحياة هو تحويل هذه الواحة الآمنة والدافئة إلى لهيب يحرق الجميع.
فالخليج في هذه المرحلة بحاجة إلى عون خاص قبل أن ينجح عشاق الفوضى والاضطراب بتحويل أفضل ما في دولنا إلى هشيم تذروه رياح الإرهاب العاتية لا سمح الله.
فما حدث في الخُبر يمكن أن يتكرر إذا لم تقم دول مجلس التعاون باتخاذ إجراءات أمنية إضافية، تحافظ من خلالها على مكتسبات العقود الماضية من تاريخ الواحة الأمنية الهانئة في المنطقة، ولقد شهدت دول العالم المتقدم قاطبة بذلك في كل زيارة رسمية أو سياحية إلى ديارنا المستهدفة من قبل قلة مغرر بها وبفكر ضيق لم يعش إلا في الكهوف والمغارات ولا تملك من عناصر البناء شيئاً لأنهم تربوا وفقا لمفاهيم لا تمت إلى الواقع المعاش بصلة.
من هنا كان علاج مثل هذه الحالة يكمن فيما ورد على لسان وزير الخارجية الكويتي في أحد تصريحاته حول المخاطر الحقيقية التي تواجه دول الخليج قائلا:"إننا نواجه مخاطر حقيقية وعلينا عدم التقليل من شأنها، وإن الحل ليس مستحيلا ولا مكلفا وهو يتمثل في التكاتف الخليجي، إن محاربة الإرهاب تحتاج أيضا إلى اللمسة الناعمة وليس فقط المدفع الثقيل".
ودعا إلى تبادل المعلومات الأمنية وتوجيه وانسجام الخطابات الإعلامية والتربوية والثقافية في محاربة الأفكار الهدامة التي تشكل خطرا حقيقيا على المنطقة.
إن منطقة الخليج بحاجة إلى مشروع أمني استراتيجي يؤمن الوقاية لهذا المجتمع من شر قد اقترب، لأن الحلول المجزأة المعتمدة على اليد الحديدية وحدها لا تفي بالغرض على المدى البعيد.
فإذا كانت أميركا بكل ما أوتيت من قوة في العلم والعسكر أصيبت بصدمة الذهول ولم تفق منها بعد من آثار هجمات الحادي عشر من سبتمبر وقامت على الفور بمراجعة الكثير من القوانين والتشريعات التي كانت تتميز بالتسهيلات المطاطة لمواجهة حالة الطوارئ الأمنية التي تعيش تحت وطأتها ولم تشف من جراحها الدامية في العراق. فأهل الخليج حكاما ومحكومين، مطالبون بأن يعوا حقيقة التحديات خوفا على مصالح بلدانهم، فالمتربصون بنا كثر، لأنهم يعيشون على فتات الأحقاد والتشفي لما ننعم به من الخيرات وعلى رأسها نعمة الأمن والأمان وبدونهما لن تقوم للأمن الاقتصادي ولا السياسي قائمة.
فهل يكون لخبر "الخبُر" مفعول السحر في البدء بمراجعة ما لنا وما علينا من استحقاقات تجاه شعوبنا تعيننا على رص الصفوف لإنجاز الوحدة السياسية الدرع الواقي والمحافظ على وحدة المصير لدرء شرور الزمان قبل فوات الأوان.