ارتفعت أسعار الأدوية يوم أمس مع بدء تطبيق قرار وزارة الصحة بتخفيض الأسعار !! للوهلة الأولى تبدو المعادلة غير مفهومة وبدلا من أن يأتي القرار ليخفف عن المرضى خصوصا أصحاب الأمراض المزمنة جاء ليضاعف آلامهم فقد ارتفعت الأسعار مع بدء تنفيذ القرار من 8 إلى 15 في المئة وأسعار بعض الأدوية ارتفعت إلى 20 في المئة ،والكثير من الصيدليات في الدولة لم تطبق قرار الوزارة وتعاملت مع الأسعار القديمة ،ولكن الغالبية العظمى من الصيدليات طبقت ''التسعيرة المخفضة '' التزاما بقرار الوزارة لتفاجىء المرضى بأن الأسعار أخذة في اتجاه الصعود مع '' اليورو''، الذي ربطت الوزارة تسعيرة الدواء به وسعر اليورو حاليا مرتفع بل انه في صعود مستمر أمام الدولار ''عملة القياس'' أو ما يعرف بلغة الاقتصاديين ''المثبت المشترك'' للعملات ،والكثير من البلدان ومنها نحن نرتبط بالدولار كمثبت مشترك وبالتالي أي تحرك لهذه العملة صعودا أو هبوطا ينعكس وبشكل مباشر على الاقتصاد وقد ارتفعت أسعار السلع بشكل جنوني خلال الفترة الأخيرة بسب ارتفاع سعر اليورو أمام العملة الأميركية.
والتساؤل الذي يفرض نفسه على الصحة ··هل كانت الوزارة تتوقع أن يكون قرار التخفيض عكسيا وترتفع الأسعار بهذا الشكل بدلا من أن تنخفض؟.. رغم علمها بأن 70 في المئة من الأدوية في الدولة يتم استيرادها من أوروبا وان الوكلاء الرئيسيين للأدوية يرتبطون باتفاقيات طويلة الأمد مع شركات أدوية أوروبية وان الـ 2600 صنف من الأدوية الموجودة في البلاد معظمها أوروبي المنشأ وما نستورده من الولايات المتحدة والدول الأخرى من خارج القارة الأوروبية لا يتجاوز الـ ''30 % '' والدول العربية لا يتعدى نصيبها في هذه الحسبة العشرة في المئة بما فيها الشركة الوطنية ''جلفار '' وان الأدوية التي نستوردها من الدول العربية ''مصر والأردن فقط'' والتي لا يتجاوز عددها ستة أصناف أو سبعة جميعها من الأدوية غير المنقذة أو الأساسية!
بالتأكيد وزارة الصحة تعلم هذه الأرقام ولديها المزيد الذي يوضح الصورة أكثر ، وهي الجهة التي تملك أيضا طرح البدائل إلى جانب الوكلاء الرئيسيين للأدوية لحل هذه المعضلة والتخفيف عن المرضى خصوصا أصحاب الأمراض المزمنة الذين لا يستطيعون أن يوقفوا الدواء لان وقفه يعني فقدانهم للحياة.
الدواء يعتبر من السلع الاستراتيجية وتنويع مصادر الاستيراد أمر في غاية الأهمية بالنسبة لهذه السلعة التي تمس صحة وحياة الناس مباشرة وقرار الصحة بتخفيض أسعار الأدوية وربط التسعيرة باليورو جاء بنتائج عكسية تستدعي البحث عن إيجاد حلول دائمة تضمن دعم الصناعة الدوائية المحلية وتخصيص ميزانيات للبحث العلمي تدعم هذه الصناعة وضرورة وضع خطة وطنية لتوفير هذه السلعة الاستراتيجية وبأسعار معقولة لا سيما وان أسعار الدواء في الإمارات تعتبر الأعلى على مستوى المنطقة.