بعيداً عن كونها شيئاً أثار الفضول في الحرب العالمية الثانية، أصبحت تكنولوجيا الرادار اليوم أصغر حجماً، وأرخص وأسهل صنعاً، وأكبر قوة. فـ"الرادارات" الحديثة قادرة، من موقعها على متن مركبة فضائية في المدار، على النظر إلى ما تحت الصحراء المصرية لترى الآثار وقيعان الأنهار القديمة؛ ويمكن للرادارات أن تحدّق، من مسافة أميال، عبر النجوم أو الضباب لتعرف كيف يبدو شكل سفينة راسية وذلك باستشعار النماذج التي تتولد عن حركتها الاهتزازية. وتحلق هذه الرادارات عالياً على متن طائرات صغيرة بلا طيار لتقدم للقادة العسكريين صورة حية عن ميدان المعركة في أية أحوال جوية وفي الليل أو في النهار على حد سواء.
لكن هذه التكنولوجيا المدفوعة بدوافع عسكرية حققت إنجازاً أكثر إثارة للدهشة، إذ تتحرك بثبات نحو اختراق الحياة المدنية. ويكاد الناس لا ينتبهون عندما يقرر الرادار وقوع خطأ في مباريات التنس أو يقدم تنبؤاً جوياً أكثر دقة يغطي 7 أيام، إلى توقع صناعة سيارات تحذر السائق من سيارة لا يراها لدى الانتقال لتبديل المسار، ولذا يقول العلماء، تمسكوا بأجهزة كشف الرادار. وفي المجال العسكري، يبقى الرادار العمود الفقري لنظام الدفاع الصاروخي لدى أميركا. ويقول "ريك يوس" نائب رئيس برنامج الدفاع الصاروخي في شركة "رايثون"، "إن الرادار يؤدي كل المهمات التي تتراوح بين عمليات المراقبة واسعة النطاق، وتحديد هوية جسم يشكل تهديداً والقيام فعلاً بتوجيه أداة القتل (الصاروخ) إلى الهدف". وتتيح التكنولوجيا الحالية صناعة رادارات قوية لم تكن تخطر ببال العلماء الذين بنوا أبراج الرادارات العملاقة في أواخر الثلاثينات للدفاع عن الخط الساحلي البريطاني.
وعلى رغم أن رادارات الدفاع الصاروخي العملاقة قد تبلغ ارتفاع بناء من 10 - 12 طابقاً، تركز معظم البحوث الحالية على نطاق ضيق. ومن المنتظر بخصوص الطائرات مثلاً أن يتم تزويدها برادار من فئة AESA (أي المسح الإليكتروني الفاعل لمصفوفات الإشارة)، وهو رادار إليكتروني بالكامل وليست فيه أية أجزاء ميكانيكية متحركة، ويتمتع بالقدرة على تعقّب أهداف كثيرة وتوجيه الصواريخ إليها كلها في وقت واحد. يُستخدم هذا الرادار الآن فقط على طائرة إف 18 وإف 15 لدى سلاح الجو الأميركي، وهناك خطط تهدف إلى تزويد 161 طائرة أخرى من هذا الطراز وغيره بهذا الرادار. ويتصف رادار AESA بأنه "أكثر تسللاً" وأكثر موثوقية من الرادارات الأقدم، ومن المحتمل أن يوضَع قيد الاستخدام للمساعدة على اعتراض صواريخ "كروز". وهناك دلائل توحي بأنه رادار ذو قوة تكفي لتعطيل عمل الرادارات الأرضية إذا تم تركيز حزمة إشارته على بقعة ضيقة. ومن المتوقع أن يتولى هذه المهمة في أكثر الأحيان نظام Thor الخاص بالتشويش على الرادارات والذي من المتوقع أن يتوفر عام 2008.
وهناك رادار آخر قيد التصنيع الآن، وهو SAR mini- (النموذج المصغر عن الرادار العامل بالفتحة التركيبية أو الصنعية SAR ) الذي استقطب اهتماماً هائلاً في الأشهر القليلة الماضية. وكان هذا الرادار، الذي كثيراً ما يُطلق عليه اسم رادار التصوير لقدرته على إظهار الأهداف الثابتة بدرجة وضوح تعادل تقريباً درجة وضوح الصورة الفوتوغرافية، مستخدماً لسنوات على طائرات استطلاع مثل U2؛ ويقوم العلماء الآن في مجموعة مختبرات "سانديا ناشيونال لابوراتوريز" في "نيوميكسيكو" بتصغيره إلى حجم يناسب طائرة Shadow بلا طيار والتي لا يتجاوز حجمها حجم نموذج مصغر عن الطائرة التجارية. ولا تظهر في صور SAR لطخات الضوء التي تُرى على شاشات الرادارات القديمة. ويقول "جورج سولان" قائد مشروع mini-SAR إن طائرة Shadow، التي يقل وزنها عن 30 رطلاً، ستتمكن من التمييز بين علبتي كولا تفصلهما مسافة بضعة إنشات، وذلك من مسافة بضعة أميال. وهناك كثير من الصور الرادارية التي لابد من ترجمتها بواسطة محلل صور، لكن ليس في حال استخدام رادار SAR، على حد قول "سولان". ويعني ذلك أن الجنود يشاهدون صورهم بأنفسهم ويتصرفون بسرعة. وتأمل مجموعة "سانديا" أن تجري اختبارات عملية أثناء الطيران للرادار miniSAR في مطلع عام 2005.
ويضيف سولان، قد يتقلص سعر miniSAR ويصغر إلى حد يتيح وضعه داخل القنابل ذات التوجيه الدقيق، بغية استخدامها عندما لا تكون أنظمة توجيه مثل نظام GPS (نظام تحديد المواقع الأرضية) عملية أو تتعرض للتشويش. لكن مهما يكن حجم المهمات التي يؤديها الرادار الآن، يريد المخططون العسكريون تحقيق المزيد.
وهناك اليوم، "يقول دوك دوهرتي" كبير العلماء لدى برنامج الفضاء والأنظمة المجوقلة في شركة "رايثون"، اهتمام كبير بنظام رادار قادر على الرؤية عبر أوراق النباتات التي من الممكن استخدامها لإخفاء مواقع العدو، وهو ما يرى "دوهرتي" أنها "مشكلة من الصعب جداً حلها".
وهناك آخرون يرون إمكانية كبيرة في الرادارات الفضائية المحمولة على الأقمار الاصطناعية، والتي تستطيع سد الفجوات المعلوماتية التي تفوت انتباه الرادارات الأخرى. وتعكف مج