انتهت يوم الأحد الماضي الانتخابات الأوروبية لاختيار برلمان أوروبي جديد في أول عملية اقتراع بعد توسعة الاتحاد الأوروبي.
وتعتبر انتخابات البرلمان الأوروبي هي الأكبر من نوعها في العالم. هذه الانتخابات تعطي أوروبا قوة جديدة بعد زيادة عدد الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. كيف ستكون علاقة الاتحاد الأوروبي مع دول الخليج العربية على ضوء المتغيرات الدولية في المنطقة بعد تحرير العراق؟ هل ستبقى العلاقة كما كانت عليه في السابق أم سيتم تطويرها؟ كيف ترى دول الخليج مصالحها مع أوروبا؟ وكيف ترى أوروبا مصالحها معنا؟ وكيف يمكن تطوير العلاقة بعد الواقع الأوروبي الجديد؟
رغم حقيقة أن الحوار الأوروبي-الخليجي قد بدأ في عام 1988 لتطوير العلاقات بين الطرفين في كل المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها، إلا أن التعاون بين الطرفين بقي محدوداً لاعتبارات كثيرة، أهمها نظرة كل طرف لطبيعة العلاقة مع الطرف الآخر، فالدول الخليجية تريد من الدول الأوروبية أن تلعب دوراً أكثر فاعلية في مجال ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، بينما ترى أوروبا أن ضمان الأمن والاستقرار يتطلب عدة أمور سنأتي لذكرها. لكن بعض الدول الأوروبية شاركت في عملية تحرير الكويت عام 1991 مع دول التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة. فأوروبا ترى أن ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة يتطلب تحقيق عدة إصلاحات داخلية في دول الخليج العربية، منها مثلاً توسيع المشاركة الشعبية، ومشاركة المرأة، وتحسين وضع العمالة الأجنبية في الخليج، وتحسين أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة. هذه الشروط ليست خاصة بالخليج، فهي متطلبات الاتحاد الأوروبي لكل دولة ترغب في دخول الاتحاد أو تحسين علاقتها معه.
هناك بون شاسع بين نظرة الأوروبيين للمنطقة ونظرة دول الخليج لها، فالأوروبيون يرون أن الدول الخليجية غير مستقرة، تمزقها الخلافات الداخلية والخلافات مع الآخرين في دول المجلس. وهناك بطء إذا لم يكن جمود في عملية التحول أو التغيير السياسي نحو الديمقراطية. فدول الخليج كلها تتحدث عن الإصلاح ولا شيء يحصل عملياً على أرض الواقع. هناك قلق سياسي في الخليج حول المستقبل خصوصاً بعد العمليات الإرهابية في المنطقة، بينما الدول الأوروبية توحدت اقتصادياً وسياسياً رغم الخلافات والحروب السابقة بينها لأن من مصلحة الجميع تحقيق الرفاه الاقتصادي وضمان الأمن والاستقرار الأوروبي.
ماذا عن المستقبل؟ كيف يرى الأوروبيون دورهم في المنطقة؟ لا ينكر أحد بأن الأوروبيين قلقون من تنامي الدور الأميركي في المنطقة العربية خصوصاً في الخليج بعد تحرير العراق. فمعظم الدول العربية تدعو إلى تكثيف العلاقة مع دول الخليج والدول العربية من خلال طرح مبادرات سلمية لحل القضية الفلسطينية بما يرضي طموحات الشعب الفلسطيني ويضمن الأمن لإسرائيل. أما بالنسبة للخليج فلقد بدأ الأوروبيون بمبادرات جديدة لتقربهم من مؤسسات المجتمع المدني في الخليج وليس الحوار مع الأنظمة الخليجية فقط.
فالحوار الأوروبي-الخليجي بدأ قبل عدة أشهر في مدينة أبوظبي في دولة الإمارات العربية بمركز الدراسات الاستراتيجية في الإمارات، حيث شارك الكثير من الأكاديميين ومراكز البحوث والدبلوماسيين الأوروبيين مع زملائهم الأكاديميين والدبلوماسيين في الخليج حول العديد من القضايا الخاصة بالديمقراطية والحرية وتحسين أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة.
الأوروبيون من خلال حوارهم في الخليج في منتدى الحوار الأوروبي-الخليجي يطمحون للمساهمة في إعطاء خبراتهم وتجاربهم ومراكز بحوثهم لقضايا الإصلاح.
دول الخليج العربية تحتاج اليوم إلى إجراء إصلاحات ديمقراطية جذرية وحقيقية لضمان الأمن والاستقرار في بلدانها، لذلك فهي بحاجة ماسة لمساعدة أوروبا في هذا المجال.