إنّ الإصلاح الذي تدعو إليه أميركا لا يصب في اتجاه إصلاح المنطقة لتكون على مستوى تحديات القرن الحادي والعشرين في مواجهة مخاطر التلوّث البيئي والتصحّر وما شابه من الهموم التي تواجه البشرية جمعاء، ولا في إصلاح الديمقراطيات لإفساح المجال أمام فسحة أوسع من الحرية الإعتقادية وحرية التعبير وتشكيل التجمعات التي تحفظ حقوق الناس – كما في أميركا ذاتها – ولا في إصلاح الإقتصاد ليكون مواكباً لحركة المال على مستوى العالم.
الإصلاح الذي ترنو إليه أميركا هو، أولاً وأخيراً، تعديل المناهج التربوية والدراسية بما يخدم مصالح الأميركيين والإسرائيليين في منطقتنا، من خلال إدخال مفاهيم جديدة إلى هذه المناهج تحوّل الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق، ومن خلال تمييع وتذويب شخصية الأمة العربية، كي لا تحاول النهوض يوماً من الأيام. وتحاول واشنطن، من خلال الإصلاح الذي تطرحه، تشديد القبضة على الأنظمة العربية الموجودة لتكفل عدم عصيانها، وذلك بإضعاف هذه الأنظمة وجعلها أكثر حاجة إلى رعاية وعناية وحماية الولايات المتحدة، ويتم ذلك من خلال إدخال الشركاء إلى جسم هذه الأنظمة، لتعيش حالة عدم إستقرار داخلي وخارجي على حدٍ سواء. وبذلك يتّضح معنى الإصلاح في المفهوم الأميركي، وهو معنى يشبه ويقارب التسلّط أكثر ممّا يشبه ويقارب أي معنى من المعاني التي تشير إلى الخروج من التيه والأزمات والويلات.
وائل نجم - بيروت