إن الشعوب العربية لا ترفض الإصلاح لكنها تشك في "الحمية" غير المعهودة تجاهه التي تأتي من دول لها تاريخ استعماري قام على القهر والاستعمار والسيطرة وتواصل دعم أنظمة القمع والقهر والعدوان والتحكم بثروات ومقدرات الآخرين.
إن الشعوب العربية باتت تدرك تماماً أن مصالحها تكمن في السلام وليس الحروب، في المشاركة في صنع القرار لا التفرد به، في الحرية و العدالة الاجتماعية وليس في الاحتكار والتسلط. وما المؤسسات والهيئات الدولية سوى الثمرة الإيجابية التي تحققت بعد الحربين العالميتين كهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومحكمة لاهاي، لكن بوش وبلير ضربا بهذه الهيئات عرض الحائط وخاضا حرباً دفع الأبرياء ثمنها الأكبر وما زالوا، بدءاً من حصار العراق وانتهاءً بالحرب عليه. إن العراقيين الذين سقطوا نتيجة تفرد صدام و"بعثه" بمقدرات البلاد والسلطة سقطوا أيضاً نتيجة تفرد بلير وبوش بقرار الحرب والحصار.
لقد سقط صدام المتفرد بالسلطة والآن بعد هزيمة حزب "العمال" النكراء في الانتخابات البلدية البريطانية، ثمة دلالات على سقوط وشيك لرئيس الوزراء البريطاني بلير الشريك المتفرد بالقرار مع الرئيس بوش فهل سيقول الشعب الأميركي كلمته أيضاً ويقرر إسقاط بوش في الانتخابات الأميركية المقبلة؟ أم أن استقالة جورج تينيت جاءت كبش فداء كي يحافظ الرئيس بوش على ماء وجهه؟ وبغض النظر عن هذه الاستقالة، فإن فضيحة "أبو غريب" وضحايا الحرب على العراق تشكل تهديداً لمستقبل إدارة بوش.
وإذا لم يستطع رئيس الوزراء البريطاني بلير وحزبه إقناع المقترعين بصواب قراره وتبرير خسائره المحدودة وغير المكشوفة كما هي في الحالة الأميركية، فكيف سيستطيع بوش تلافي خسارته في الانتخابات المقبلة؟
شـــوقي أبو عياش - لبناني مقيم في غينيا