للمرة الأولى منذ عام 1995 تعترف حكومة صرب البوسنة بارتكابها مجازر سربرينتشا التي وقعت خلال الحرب الأهلية في البوسنة قبل تسعة أعوام، وهو ما يأتي ضمن تحقيق رسمي أجرته سلطات صرب البوسنة في المجزرة التي تعتبرها المحكمة الدولية لجرائم الحرب في لاهاي نوعاً من الإبادة الجماعية. هذا الاعتراف يحمل رسالة ضمنية مفادها أن اللجوء إلى القوة العسكرية الغاشمة كأداة لحسم النزاعات العرقية لن يسفر عن أية حلول اللهم إلا القتل والدمار وتوريث الكراهية لدى أجيال مقبلة.
فعلى رغم المجازر التي ارتكبها الصرب ضد مسلمي البوسنة، فإنهم لم يفلحوا في حسم الموقف لصالحهم، ذلك أن عمليات الإبادة الجماعية ضد مسلمي البوسنة لم تجعل الصرب في موقف الدفاع فقط بل عرضتهم للتدخل الأجنبي سواء من خلال قوات حلف شمال الأطلسي أو قوات متعددة الجنسيات، وأصبح الصرب في نظر كثير من المحللين مصدر إزعاج وأداة لزعزعة الاستقرار في منطقة البلقان.
المطلوب الآن، أو بالأحرى ما يتمناه المجتمع الدولي، أن يمثُل جميع المتورطين في هذه المجزرة أمام المحكمة الدولية لجرائم الحرب في لاهاي كي ينالوا جزاءهم. ولكي تحظى هذه المحكمة بالمصداقية يتعين عليها الإسراع في عمليات التحقيق حتى يدرك الجميع أنه من المستحيل أن تمر جرائم الإبادة الجماعية دون عقاب رادع.
عمر زكي- دبي