اكتشف العلماء منطقة في أمخاخ القردة والجرذان تفقد عددا كبيرا من خلاياها عندما يتقدم العمر بهذه الحيوانات. وهذا الاكتشاف كما يقول العلماء يمكن أن يساعد الأطباء على التمييز بين التدهور الذهني المرتبط بتقدم العمر، وبين ذلك المرتبط بمرض الزهايمر الذي يصاب به البشر. وفي هذا السياق قام الدكتور سكوت سمول وزملاؤه من جامعة كولومبيا، بنشر بيانات تم الحصول عليها عن طريق البحوث التي تم إجراؤها على مرضى الزهايمر الذين كانوا يشرفون على علاجهم خلال العام الماضي، تثبت أن هناك نسيجا فضي اللون يحيط بالجزء العلوي لما يعرف بـ"قرن أمون" Hippocampus والقشرة الدماغية المرتبطة به، يتعرض إلى التلف في فترة مبكرة من الإصابة بهذا المرض، الذي يؤدي إلى تحلل أنسجة المخ في النهاية. ومن المعروف أن مركز الذاكرة في المخ Entorhinal Cortex يعتبر بوابة الدخول إلى قرن أمون وأنه هو الذي يقوم بنقل المعلومات إلى تلك المنطقة ومنها. ويقوم قرن أمون باستقبال المعلومات في المنطقة الخاصة بالذاكرة القصيرة الأجل، ثم يقوم بإرسالها بعد ذلك إلى مناطق المخ الأخرى لمعالجتها ثم القيام بعد ذلك بحفظها لمدد طويلة. ويذكر هنا أن الكثير من المختبرات قد أيدت النتائج التي تم التوصل إليها من خلال الدراسة الأخيرة.
بيد أن بعض الباحثين في نيويورك اكتشفوا مؤخرا أن الجرذان المتقدمة في العمر تحدث لها تغيرات في مناطق أخرى من قرن أمون والقشرة الدماغية المرتبطة به يطلق عليها التلافيف المسننة Dentate Gyrus. ونظرا إلى أن الحيوانات الأكبر عمرا لا تصاب بالزهايمر، فإن مركز الذاكرة بها يبقى سليما مدى الحياة. وهذه الاختلافات بين الحيوانات وبين البشر، قد تتيح لنا في يوم ما إمكانية التمييز بصريا - من خلال عمل تصوير بالأشعة المقطعية - بين مخ الأشخاص المصابين بالزهايمر، وبين مخ الأشخاص الذين تعرضوا إلى حدوث ضعف في منطقة الذاكرة بسبب التقدم في العمر.
تقول كارول بارنز أستاذة علم النفس والأعصاب بجامعة أريزونا الأميركية، والتي شاركت الدكتور سمول في تحرير نتائج الدراسة: إذا ما كانت هذه الأنظمة ستعمل بنفس الطريقة في البشر، فإن ذلك يعني أن الزهايمر لن يصيب جميع البشر المتقدمين في السن.
ويذكر في هذا السياق أن هناك عددا كبيرا من العلماء الذين يعتقدون أن الزهايمر مرض من المحتم أن يصيب جميع الأشخاص، وخصوصا أولئك الذين يعيشون إلى أن يصلوا مرحلة متقدمة من العمر.
وتقول بارنز أيضا: أما في الحيوانات فإن الخلايا الموجودة في التلافيف المسننة تظل موجودة حتى مع تقدم الحيوانات في العمر وكل ما هنالك هو أنها تفقد نشاطها... وتستطرد: طالما أن الخلايا تظل موجودة في تلك الحيوانات حتى مع تقدمها في العمر، فإن ذلك يعني أن العلماء قد يتمكنون يوما ما من تخيل طريقة يمكنهم عن طريقها جعل تلك الخلايا تنشط مجددا. وفي حالة التوصل إلى مثل هذه الطريقة فإن ذلك سيكون تطورا مهما خصوصا إذا ما عرفنا أن تدهور الذاكرة المرتبط بالتقدم في العمر لدى البشر يشمل نواحي قصور في التفكير أكثر تعقيدا من الزهايمر.
وتعليقا على ذلك تقول الدكتورة موني دي ليون، أستاذة الطب النفسي بكلية الطب بجامعة نيويورك: إن ذلك في الحقيقة شيء جدير بالاهتمام وخصوصا أنه يمكننا من تهيئة المسرح لإجراء اختبارات على البشر للتأكد من صحة هذه الفرضية.
وقد استخدم الدكتور سمول وزملاؤه تقنية للتصوير قاموا بتطويرها لدراسة الأجزاء المكونة لقرن أمون والغشاء الدماغي المحيط به. وهو يعتقد أن هذا الاكتشاف يمكن أن يوفر للأطباء المعالجين طريقة أو أسلوبا جديدا لتشخيص الزهايمر. وفي هذه الأيام يقوم الأطباء باستخدام تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي وغيرها من التقنيات، للكشف عن الزهايمر في فترة مبكرة، وفي بعض الأحيان بمجرد وجود دليل بسيط على حدوث تدهور في الذاكرة.
كما يقول هؤلاء الباحثون إنهم قد نجحوا أيضا في التعرف على الجينات ذات العلاقة بعملية التعليم، والتي لم تعد نشطة في الحيوانات على النحو الذي كانت عليه عندما كانت تلك الحيوانات أصغر عمرا. ومن المعروف أن تلك الجينات توجد، وتعمل في، التلافيف المسننة. ولكن عندما تصل تلك الحيوانات إلى سن الشيخوخة فإن كميات الدم التي تتدفق إليها تصبح أقل كثيرا مما كانت عليه من قبل.
وتقول دي ليون، إن العاملين في مختبرها لاحظوا حدوث تغيرات في منطقة الذاكرة في المخ وكذلك في التلافيف المسننة في بعض المرضى المصابين بالزهايمر. أما السؤال المتعلق بما إذا كان مرض الزهايمر منفصلا عن عملية التغيرات الدماغية الطبيعية التي تحدث عند التقدم في السن، فإنه لا يزال سؤالا لم يتم العثور على إجابة له حتى الآن.
ويقول الدكتور سمول إنه يتطلع إلى إجراء دراسات مماثلة على الأشخاص المصابين بحالات خفيفة من مرض الزهايمر، والمقارنة بينهم وبين هؤلاء الذين لا يعانون من المرض. فإذا ما كانت التغيرات التي تحدث في التلافيف المسننة تحدث نتيجة للتقدم في العمر، فإن الدكتور سمول ي