رئيس البرلمان الإيراني الجديد: محافظ ومصاهر لخامنئي ومن خارج المؤسسة الدينية


 دشن البرلمان الإيراني عهده الجديد بمواقف خارجية حادة وأكثر تصلبا، خاصة إزاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية، واللجنة السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي؛ فقرر الثلاثاء الماضي عدم المصادقة على البروتوكول الإضافي الذي وقعته إيران في شهر ديسمبر من العام المنصرم والذي يسمح بالتفتيش المفاجئ لمنشآتها النووية... إذا تعامل مجلس الحكام للوكالة الدولية مع الملف النووي الإيراني من زاوية سياسية! ويأتي هذا الموقف من جانب الهيئة التشريعية الإيرانية (مجلس الشورى الإسلامي) بعد أن استعاد المحافظون أغلبية مقاعدها في انتخابات فبراير الماضي، وكذلك إثر اختيار أحد وجوه اليمين المحافظ رئيسا لسابع مجلس شورى إسلامي منذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران. فمن هو غلام علي حداد عادل الرئيس الجديد لمجلس الشورى الإسلامي؟ وهل وجوده على رأس البرلمان يعني عقبة أخرى أمام "الإصلاحات" التي يحاول الرئيس محمد خاتمي تنفيذها؟ رغم أن حداد عادل ليس معروفا بشكل واسع وكبير، مثل باقي الشخصيات الإيرانية ذات الشهرة على المستوى الخارجي، فإنه يتمتع بشعبية ملحوظة داخل التيار المحافظ وفي أوساط مؤيديه، فقبل أن يتم انتخابه رئيسا لمجلس الشورى الإسلامي الأحد الماضي، وذلك بإحرازه 224 صوتا من إجمالي 290 صوتا هي عدد مقاعد البرلمان الإيراني، كان قد تم التصويت عليه أيضا داخل مجلس الشورى، يوم 29 مايو المنصرم، كعضو في الهيئة الرئاسية المؤقتة للمجلس.


 وقبل ذلك أيضا فاز في انتخابات مجلس الشورى يوم 20 فبراير من السنة الجارية، نائبا عن مدينة طهران، برقم قياسي تجاوز 888.3 ألفا من أصوات أهالي العاصمة، حيث فازت لائحة "كوادر البناء" التي يتزعمها بـ 29 مقعدا من أصل 30 مقعدا لمدينة طهران في مجلس الشورى. وقد فاز حداد بعضوية مجلس الشورى لأول مرة نائبا عن العاصمة في الانتخابات التشريعية لعام 2000، والتي جعلت نتائجها من المحافظين أقلية لأول مرة في مجلس الشورى الإسلامي، فترأس هو أقلية نيابية من 64 عضوا، لكنه استمال عددا من المستقلين وبعض التيارات الإسلامية الأخرى في المجلس، واستطاع أن يجعل اللجنة الاقتصادية في يد المحافظين وأصبحت أكثر لجان المجلس نشاطا. واستطاع أيضا أن يضع خطوطا حمراء أمام مناقشات المجلس، فعارض اللائحتين اللتين تقدم بهما الرئيس خاتمي إلى المجلس، من أجل تعديل قانون الانتخابات، وتعديل صلاحيات رئيس الجمهورية، وتجلى ذلك في معارضته داخل المجلس وفي رسالة مفتوحة أرسلها إلى الرئيس خاتمي ونشرتها الصحف، جاء فيها:"إن اعتراضي على هذه اللائحة له جوانبه النظرية والقانونية والعملية أيضا، وهدفي هو القيام بواجبي الشرعي والقومي، وعدم الانحراف عن جادة الحق، ومراعاة آداب النقد، واحترام الأخلاق والإنصاف".


ويقال إن الدكتور غلام علي حداد عادل كان مستنكفا عن صراعات الممارسة السياسية المباشرة، إلى أن فاز خاتمي بمنصب الرئاسة وتولى الإصلاحيون أمور السلطة التنفيذية، فشعر حداد حينئذ بأن المناخ السياسي لإيران يتحول عن مسيرة "الثورة الإسلامية"، واستفزه الخطاب الإصلاحي المشكك في مسألة "ولاية الفقيه" التي يعتبرها حداد أساس إدارة النظام والجوهر الثابت في فكر الخميني. تلك إذن كانت خطوة واسعة أنجزها حداد إلى السياسة انتقالا من الثقافة، فهو مؤلف وله العديد من الكتب والدراسات في الفلسفة والفكر والدين والتاريخ، وهو أيضا أستاذ جامعي. ففي السبعينيات درّس في مركز التعليم العام التابع لجامعة الشريف الصناعية، ثم انتقل للتدريس في قسم الفلسفة بكلية الآداب في جامعة طهران، وشغل فيما بعد عدة مناصب ثقافية، وتم تعيينه في عام 1981 رئيسا للجنة الكتب والمناهج المدرسية في وزارة التعليم، ثم مديرا لمؤسسة دائرة المعارف الإسلامية، ورئيسا لمجمع اللغة والأدب الفارسيين، وقبيل خوضه الانتخابات العامة في ربيع 2000، كان وكيلا لوزارة التربية والتعليم لمدة 12 عاما.


 أما عن دراسة غلام  حداد المولود لأسرة متدينة وميسورة في طهران عام 1945، فتعثرت مرارا بسبب نشاطه الثوري. إذ بعد حصوله على باكالوريوس في الفيزياء من جامعة طهران عام 1967، التحق بقسم الدراسات العليا في جامعة شيراز.


لكن بتعليمات من جهاز "السافاك" تم طرده من الجامعة فعاد إلى طهران وغير تخصصه إلى دراسة العلوم الإنسانية، وحصل على دكتوراه في الفلسفة عن أطروحته "آراء القدامى حول ما وراء الطبيعة"، وفي الوقت ذاته أخذ حداد العلوم الإسلامية عن آية الله مرتضى مطهري، لكنه يعد أول رئيس لمجلس الشورى الإيراني خارج النخبة الدينية منذ الثورة الإسلامية في عام 1979.


وبينما اتسمت مواقف الرئيس السابق لمجلس الشورى مهدي كروبي بالجرأة إزاء عدد من قضايا الواقع الإيراني وفي مواجهة المحافظين، يتوقع أن يعمل خليفته، المرتبط بمصاهرة