بعد إصابته بعدد من النكسات في ربيعٍ صعب، يبدو أن الرئيس بوش سيعود إلى وضعه السابق. فالأنباء الاقتصادية طيبة، والأنباء الآتية من العراق تُظهر تحسناً، وجدول أعمال بوش وفّر له فرصاً لتركيز الرأي العام على موضوع حملته الانتخابية وهو "توفير قيادة قوية لأميركا".
ولذا ارتفعت نسبة مؤيدي بوش في الاستطلاعات قليلاً؛ وهناك عالمٌ طوّر نموذجاً علمياً تنبأ به على نحو صحيح بحصيلة كل الانتخابات الأميركية منذ 1984، وهو يقول إن فوز بوش مرجح في نوفمبر.
منذ شهر واحد، كان بوش في غمرة سلسلة من النكسات. وهناك سلسلة من الكتب التي كشفت عن معلومات محرجة حول رئاسة بوش، وقدمت لجنة 11 سبتمبر تحديات مؤذية لهذه الإدارة، واقترنت فضيحة أبو غريب بالكشف عن الوضع العسكري المتردي في العراق بفعل التمرد، فأدى ذلك بمجمله إلى تسديد ضربات خطيرة إلى صورة قيادة بوش.
لكن الأنباء تحسنت، فالاقتصاد يواصل نموه؛ وموقف الإدارة تعزّز بأنباء عن توفيرها مليون وظيفة جديدة في الأشهر الأربعة الماضية.
وأحدثت الأخبار الآتية من العراق مزيداً من الارتياح، حيث وفّرت التكتيكات الأميركية حلولاً مؤقتة لتمرد الفلوجة وإمكانيةً لتحقيق تسوية بشأن تمرد مقتدى الصدر.
وعلى رغم أن خطة اختيار حكومة عراقية مؤقتة لم تتحقق على النحو المتوقع، فإن المرونة الأميركية الجديدة مكّنت الإدارة من اعتناق الحصيلة واعتبارها نصراً. وتجلى الدليل في الأسبوع الماضي بظهور بوش في البيت الأبيض، وهو يطلق رسالة متفائلة مفادها، أن العراق صار على مسار الديمقراطية. وتسنّت لبوش فرص إعلامية إيجابية جداً، استخدمها بفعالية كبيرة، ومنها ظهوره في حفل افتتاح النصب التذكاري لجيل الحرب العالمية الثانية وبخطاب التدشين الذي ألقاه في أكاديمية سلاح الجو.
وفي خضم جولة بوش الأوروبية التي يتوجها بالاحتفال بالذكرى الستين لإنزال الـ"نورماندي"، يشعر البيت الأبيض بالثقة في مزيد من الأيام التي تحمل أخباراً طيبة تهيمن على الإعلام الأميركي.
وكان لذلك أثر واضح في السباق الرئاسي، حيث حجبت نشاطات بوش مساعي خصمه جون كيري إلى تحدي سياسة الأمن القومي لإدارة بوش. وكانت هناك سلسلة من المناسبات الصحفية التي أحدثها كيري، إضافة إلى خطاباته التي ركّز فيها على جملة من المبادرات، لكن ذلك كله تقلص إلى قصص إخبارية ثانوية أمام حملة البيت الأبيض الخاطفة، وترافق مع صعود طفيف لأرقام استطلاعات الرأي. فمنذ أسابيع، ظهر بوش خلف كيري في معظم الاستطلاعات، لكنه الآن يحتفظ بموقع متقدم قليلاً في كثير منها. وتعاني البلاد من انقسامات سياسية أشد من أن تتيح حدوث تغير مفاجئ، لكن التغير في حظوظ البيت الأبيض حقق نتائج قابلة للقياس.
وفي الأسبوع الماضي استضفت "آلان ليتشمان" الأستاذ في الجامعة الأميركية، والمحلل الذي طوّر النموذج العلمي للتنبؤ بحصيلة الانتخابات الرئاسية، وهو يستعين به لحسابها منذ عام 1984، لكنه أسس منهجه على السباقات الانتخابية الـ 35 التي يرقى أولها إلى عام 1860. وبدلاً من استخدام بيانات الاستطلاعات، يحلل ليتشمان الاتجاهات الكبرى في الاقتصاد والمجتمع، وحدّد 13 مؤشراً يسميها بـ"المفاتيح الـ13". ووفقاً للنموذج، يحتاج الرئيس الذي يخوض سباقاً انتخابياً ثانياً إلى حمل 8 مفاتيح على الأقل لكي يفوز. والمفاتيح الـ13 هي:1- شغل حزب الرئيس المرشح لمقاعد أكثر في مجلس النواب بعد الانتخابات التي تُجرى في منتصف فترة ولايته 2-غياب المنافسة الحقيقية في ما يتعلق بترشيح الرئيس 3- مرشح الحزب الذي يشغل المنصب هو الرئيس 4- عدم وجود منافسة حقيقية من حزب ثالث 5- الاقتصاد ليس في حالة ركود 6- تحسُّن النمو الاقتصادي المقيس بتحسن نمو دخل الفرد 7- تنفيذ الإدارة لتغييرات رئيسة في سياستها 8-غياب الاضطرابات الاجتماعية الخطيرة 9-عدم تشوه صورة الرئيس المرشح بفضيحة كبرى10-عدم حدوث إخفاقات كبرى عسكرية أو في السياسة الخارجية 11- نجاح كبير عسكري أو في السياسة الخارجية 12- كاريزما الرئيس المرشح أو كونه بطلاً قومياً 13-عدم تمتع منافسه بالكاريزما أو عدم كونه بطلاً قومياً.
وهكذا يمكن لبوش أن يستحق "المفاتيح" الثمانية الضرورية (1، 2، 3، 4، 5، 8، 11 و13) وما زال "المفتاح" 12 يحيطه الغموض.
وبما أن معظم "المفاتيح" مؤشرات كبيرة النطاق أو طويلة الأمد، يتوقع "ليتشمان" حدوث تغير طفيف في معظمها. و"المفتاحان" اللذان قد يتغيران هما 9 و11؛ فإذا توسع أي من التحقيقات (المعنية بهجمات 11 سبتمبر، الاستخبارات ما قبل حرب العراق، و"أبو غريب" أو تسريب هوية عميلة الـسي آي إيه) ووصل إلى البيت الأبيض، سيخسر بوش "المفتاح" رقم 9. وإذا سار العراق نحو الأسوأ، وإذا ساء الوضع في أفغانستان إلى حد تغيير الرأي العام، سيخسر بوش "المفتاح" 11 وبالتالي قد يقع في مأزق، بحسب "ليتشمان".
وما يزال من المرجح أن يتغير الوضع. لكن، وبحسب المعطيات الحالية، إذا بقي الحظ حليف بوش، فإن تفوقه في استطلاعات الرأي قد يستمر، و