هل يا تُرى اقترب اليوم الذي سيتمنى فيه أغلب المواطنين العرب أن يكونوا عراقيين؟ سؤال راودني وأنا أتابع عملية تنصيب الرئيس العراقي الجديد وأعضاء حكومته الانتقالية. والسبب في ذلك هو أن المواطن العربي في كل مكان همه الأول والأخير أن يمتلك حرية الاختيار والإحساس بأن صوته مسموع ومحترم وأن بإمكانه بضغطة قلم أو كبسة زر تغيير حكومته أو تثبيتها جزاءً أو عقاباً حسب الحالة الاقتصادية والسياسية السائدة في تلك اللحظة، وأن يدرك الحاكم بأن هناك من يراقبه ويتابع خطواته خطوة بخطوة.
وأرى أنه لو استطاعت الولايات المتحدة الأميركية أن تجلب الديمقراطية إلى العراق فإنها ستخرس الأفواه المنتقدة لها ولسامحها العالم على كل ما ارتكبته من خطايا وانتهاكات لأن العبرة بالنهاية.
وأنا لست من الذين يتمنون خروج الولايات المتحدة اليوم من العراق خاصة في ظل الأجواء المشحونة التي تسيطر على الشارع العراقي في المرحلة الراهنة، لأن ذلك ما يتمناه أعداء العرب حتى يذهب العراق في غياهب الحروب الأهلية والنزاعات العرقية.
إنني لا أؤمن بأن الولايات المتحدة عدوة للعرب على طول الخط. فليس من العيب أن تبحث الولايات المتحدة عن مصالحها بأسهل الطرق ما دام الغير يسمح لها بذلك، إلا أنني متأكد من أنه لو أن العرب وحّدوا كلمتهم وقراراتهم لوجدوا الولايات المتحدة داعمة لجميع رغباتهم حتى لو كانت تتناقض مع الرؤية الإسرائيلية. وربما تضغط واشنطن على تل أبيب كي تنصاع لتلك الرغبات، وفي هذه الحالة ينطبق المثل العربي الذي يقول:"أحبك حباً جما ولكن أحب نفسي أكثر منك". ولكن في الوقت الحالي ترى الولايات المتحدة أن مصالحها غير مهددة بعوامل خارجية يمكن للدول الأخرى التأثير عليها، وإنما رؤساؤها مهددون بالسقوط داخلياً ولذلك فلا نلومهم على مجاراة الظروف ومحاولة تحاشي العاصفة بالوقوف مع من بيدهم أمر النجاح والفشل، لأن النفس البشرية من طبيعتها التمصلح دون أية علاقة لذلك بالعرق أو الدين.
بتار ولد محمد المختار - موريتانيا