تشهد مبيعات معدات الطاقة الشمسية إقبالا متسارعاً، وتظهر مشروعات الطاقة في كل مكان، وتباع كميات متزايدة من غاز الميثان الذي يتراكم في القمامة وذلك لتوليد الطاقة.
وتحقق مصادر الطاقة البديلة، ومنها طاقة الرياح والشمس والطاقة الجيوحرارية، أداءً هو الأفضل حتى الآن. لكن السبب الرئيس ليس ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي.
فعندما كانت أسعار الوقود الأحفوري ترتفع وتهبط في السنوات الماضية، كان مصير مشروعات الطاقة البديلة يتأرجح معها. لكن ذلك لا يحدث الآن. وفي الواقع أنه حتى إذا تراجع سعر البرميل عن مستواه الحالي (40 دولاراً) إلى نطاق 30-35 دولاراً، فإن مشروعات الطاقة البديلة بحسب رأي المحللين لن تعاني كثيراً كما في الماضي.
نحن "في حقبة مختلفة عن أواخر السبعينيات"، يقول "دان ريتشر" كبير مسؤولي مصادر الطاقة البديلة والمتجددة في عهد كلينتون، وذلك لأن "التكنولوجيات تحسنت على نحو دراماتيكي وانخفضت أسعارها كثيراً".
وعلى رغم أن مصادر الطاقة البديلة ربما تحقق نمواً سريعاً، فإنها تنطلق من قاعدة صغيرة إلى درجة أن دورها الكلي في ميدان الطاقة يبقى صغيراً، فالبدائل تبقى أكثر تكلفة من توليد الطاقة من الوقود الأحفوري.
وذكرت "وكالة معلومات الطاقة" مؤخراً أن إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة ازداد في أول شهرين من هذه السنة بمقدار 15.5% عن الفترة نفسها من سنة 2003. لكن الوكالة تقول إن مصادر الطاقة المتجددة شكلت 6.4% فقط من حجم الاستهلاك المحلي السنة الماضية، وأن مساهمتها سترتفع إلى 6.7% هذه السنة.
وتشكل هذه الزيادة المتواضعة سبباً للتفاؤل في رأي المدافعين الذين يشيرون إلى أنه حتى قبل ارتفاع أسعار النفط، كانت التوقعات المستقبلية للطاقة الشمسية تبعث التفاؤل باعتبار أن العائدات السنوية من المعدات سترتفع من 4.7 مليار دولار أميركي (السنة الماضية) إلى 30.8 مليار في سنة 2013، بحسب توقعات مؤسسة "كلين إيدج" لبحوث السوق. ويتزايد عدد التراخيص الجديدة لمشروعات طاقة الرياح مع انتظار المستثمرين بقلق تجديد واشنطن لإعفاءات القروض من ضريبة الدخل.
وتكتسب الطاقة الجيوحرارية اهتماماً أكبر. ويشعر "كارل أوستن"، الخبير المخضرم في هذا المجال طوال 40 سنة، بالرضا حيال فرص نجاحه في جمع المال لما يرجو أن يكون أول مشروع للطاقة الحرارية في ولاية "إيداهو" الأميركية.
ويتجادل الخبراء حول مدى قدرة الطاقة البديلة على المنافسة مقابل أنواع الوقود الأحفوري، على رغم عدم وجود أي خلاف بينهم حول تضييق فجوة الأسعار مع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي ورفع التكنولوجيات الجديدة لمردود المصادر البديلة.
وتتباين تكاليف طاقة الرياح كثيراً بالتناسب مع نوعية الموقع، لكن المواقع الرئيسية في الولايات المتحدة تولّد الكهرباء بتكلفة تقل عن 5 سنتات لكل كيلو واط/ساعة، ما يجعلها أرخص تكلفة من منشآت التوليد العاملة بالغاز الطبيعي بالأسعار الحالية. لكن منافسة الفحم تعني أن طاقة الرياح تحتاج إلى مساعدات حكومية على نحو إعفاء القروض ضريبياً من 1.8 سنتاً عن كل كيلو واط/ساعة.
وتقوم ألواح توليد الطاقة الشمسية، التي تم اختراعها منذ 50 عاماً وكانت تكلف 100 دولار عن كل واط في 1976، بتوليد الكهرباء الآن بتكلفة تقل عن 3 دولارات لكل واط، ومن المتوقع أن تواصل تقليص التكاليف بمعدل 5% سنوياً حتى إذا لم تتحقق أية اختراقات تكنولوجية.
وفي الوقت الحالي، تبلغ تكاليف تكنولوجيا الطاقة الشمسية تقريباً 10 أضعاف تكاليف أنظمة الوقود الأحفوري التقليدية لتوليد الكهرباء بمقادير كبيرة، وذلك بحسب تقديرات حديثة أصدرتها مؤسسة "سانديا ناشيونال لابوراتوريز"، لكن الطاقة الشمسية صارت بديلاً أرخص لتوفير الكهرباء للمواقع البعيدة عن الشبكة.
ومن الممكن لرد الفعل العام حيال الارتفاعات الحادة في أسعار النفط أن يساعد الطاقة البديلة، وذلك بممارسة الضغوط على الساسة للحفاظ على أو زيادة النطاق الواسع للقروض المعفاة من الضرائب والمنح وضمانات القروض والمساعدات الحكومية التي تحفز الاستثمار في الطاقة البديلة.
لكن ارتفاع الأسعار، وإن كان يحسن إمكانيات الربح في كثير من الاستثمارات في الطاقة البديلة، يبقى ارتفاعاً أحدث من أن يفسر ازدهار هذا القطاع، وهو ارتفاع يعتقد الكثير من المستثمرين أنه لن يدوم.
والأهم من ذلك الآن أن التكنولوجيات الجديدة تُعتبر مساهماً رئيسياً في تلوث الهواء وتراكم الغازات التي تؤدي إلى تغيير المناخ. وليست التكاليف البيئية متضمنة بالكامل في الأسعار الحالية، لكن الأنظمة والقوانين التي من المقرر سنّها للحد من ضرر هذه التكنولوجيات قد أدت إلى تقييد احتمالات نموها.
وهكذا، وعلى رغم بقاء أسعار الفحم منخفضة نسبياً، يرى "أوستن" أن من غير المرجح أن يواجه مشروعه الجيوحراري منافسة من منشآت التوليد العاملة بالفحم ما لم يتوصل أحدٌ إلى تكنولوجيا غير متوقعة وتقلّص أثر الفحم في البيئة إلى الحد الأدنى دون رفع تكاليف استخدامه.
و