:SAIS Review


جدلية الأمن والحريات المدنية


في عددها الأخير صبت دورية SAIS Review جل اهتمامها على إشكالية حماية الأمن الداخلي في الولايات المتحدة ومدى تأثيرها على الحريات المدنية. الدورية تصدر كل ستة شهور عن معهد "السياسة الخارجية" الكائن في العاصمة الأميركية واشنطن والتابع لكلية "بول إتش. نيتز" للدراسات المتقدمة في العلاقات الدولية، وهي إحدى كليات جامعة "جون هوبكنز".


وتحت عنوان "استخبارات في الداخل" توصل "بروس بيركوفيتس" إلى قناعة تتمثل في أنه بعد مرور أكثر من عامين على هجمات الحادي عشر من سبتمبر لا تزال ثمة فجوة في الدفاعات الأميركية ضد الإرهابيين. "بيركوفيتس" المتخصص في شؤون الأمن والدفاع وزميل معهد "هوفر" التابع لجامعة "ستانفورد" يرى أن المشكلة تتلخص في أن الولايات المتحدة لا تزال في حاجة إلى استخبارات داخلية مناسبة، ولا يزال الأميركيون حتى الآن غير مستعدين بالشكل الكافي لتحليل وكشف ومراقبة التهديدات التي يمكن أن تقع داخل الأراضي الأميركية.


أما "كيت مارتين" مديرة مركز دراسات الأمن القومي في واشنطن، فخلصت في تقريرها المعنون بـ"الاستخبارات الداخلية والحريات المدنية" إلى استنتاج مفاده أنه في الوقت الذي تحتاج فيه الولايات المتحدة إلى معلومات وتحليلات أفضل من تلك المتوفرة الآن لمحاربة الإرهاب، فإن ثمة مخاوف تتمثل في أن مكافحة الإرهاب داخل أميركا ستضر بالحريات المدنية. فالحكومة عندما تمتلك قدرات لا حدود لها لجمع المعلومات عن كل فرد، فإن القانون سيكون في هذه الحالة أضعف من أن يُعتمد عليه في حماية خصوصية الأميركيين ومقاومة الضغوط الهائلة التي تمارسها السلطات لإساءة استخدام المعلومات لأغراض سياسية.


الكاتبة حذرت من مخاطر قد تنجم عن تدشين وكالة استخبارات داخلية جديدة، حسب الاقتراح الذي طرحه الكونغرس، فمن المحتمل أن تُشكّل هذه الوكالة خطراً على خصوصية الأفراد والحريات المدنية، ولن تحل المشكلات المتعلقة بمشاطرة المعلومات بين مختلف أجهزة الاستخبارات، بل إنها ستزيد من صعوبة التنسيق بين مؤسسات فرض القانون وهذه الأجهزة. وإذا كانت ثمة مدعاة لتدشين وكالة جديدة لمنع وقوع هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة، فإنه من الأفضل تشكيل وكالة جديدة لهذا الغرض تعمل كمؤسسة لفرض القانون، ويُفضل أن تكون تابعة لوزارة العدل لا للاستخبارات المركزية، وتكون لديها صلاحيات باستخدام أجهزة الاستخبارات الداخلية الموجودة بالفعل التي تطبق القوانين في عملها، خاصة قانون" الرقابة على الاستخبارات الخارجية" الصادر عام 1978.


مستشار الإرهاب البيولوجي والأمن الصحي في الخارجية الأميركية "مارك إل. أوستيفلد" لفت الانتباه في مقاله المعنون بـ"الإرهاب البيولوجي كأحد قضايا السياسة الخارجية" إلى أن المسؤولين الأميركيين في وزارته يتعين عليهم العمل جنباً إلى جنب مع مسؤولي الصحة العامة عند التعامل مع التهديدات التي يستخدم فيها الإرهابيون أسلحة بيولوجية وذلك لصياغة استراتيجيات ناجعة للحيلولة دون وقوع هذه التهديدات.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


"المستقبل العربي": العراق والاحتلال والعشائر والنفط


في عددها الأخير، تضمنت شهرية "المستقبل العربي" دراسة أعدها ثلاثة خبراء أميركيين هم توماس بيكرنغ وجيمس سيلزنغر وإيريك شوارتز، حول "العراق بعد عام واحد"، وفيها يشرحون التطورات التي سبقت الحرب ويشيرون إلى النصيحة التي قدمتها "مجموعة المهام" وطالبت فيها بأن يوضح الرئيس جورج دبليو بوش للكونغرس وللشعب الأميركي ولشعب العراق المصلحة الحيوية للولايات المتحدة في مستقبل العراق. لكن بعد عام على الحرب، كما تقول الدراسة، يتضح "عجز التحالف عن ضمان بيئة مسالمة وآمنة داخل مناطق مهمة في العراق". وتحذر الدراسة من أن نقل السيادة إلى العراقيين سيخلق تصورا لدى كثير من الأميركيين بأن الولايات المتحدة قد "انعطفت في العراق". لكن الدراسة تؤكد وصيتها بالقول إنه "باستطاعتنا أن نبدأ التقليص التدريجي لتدخلنا وأن نتحول إلى تحديات أمنية قومية أخرى".


وفي دراسة أخرى حول "العشائر العراقية في ظل الاحتلال الأميركي"، يقول كاتبها صباح ياسين إن القبيلة في العراق تواجه اليوم تحدياً جديدا؛ "فالاحتلال الأميركي يحاول أن يدخل ميدان العشائر لتوظيف طاقاتها بعد ما عجز عن تأطير قوى جديدة لإدارة العراق". لكن الكاتب لا يرى أية إمكانية لنجاح المحاولة في هذا الصدد؛ فالعشائر "لازالت تحافظ على قيم العصبية وعزة النفس ورفض الهيمنة الخارجية"، وقد سبق أن "تأكد دورها في حياة العراق عام 1921 ثم في الثلاثينيات حين