إن صور التعذيب اللاإنساني التي بثتها إحدى الفضائيات الأميركية قبل أيام وانتشرت في كل أنحاء العالم الذي أصيب بالصدمة والاستياء، إنما هي صورة مصغرة، رغم بشاعتها، لما يعانيه السجناء العراقيون على أيدي دعاة حقوق الإنسان والديمقراطية والحرية. كل هذه الشعارات أساءت إليها بل وتنكرت لها الولايات المتحدة التي ارتكبت، في العراق، جرائم حرب يعاقب عليها القانون، سيما قانون حماية الأسرى المدنيين على الخصوص والأسرى بصورة عامة. إن هذه الأساليب تمارسها قوات الاحتلال بصورة أبشع بكثير من تلك التي شاهدنا، خاصة في ظل تصريحات تفيد بأن هذه القوات حصلت على معلومات مهمة من السجناء الذين دون أدنى شك تعرضوا لأكثر مما بثته الفضائيات من الفظائع التي يندى لها الجبين ويتألم لهولها الضمير. والذي يسترعي الانتباه والتساؤل كيف تم التقاط هذه الصور التي تدين القوات الأميركية؟ وكيف تستطيع الإدارة الأميركية الرد عليها حتى بعد الانتخابات لأنها أحسن هدية وورقة رابحة للحزب الديمقراطي؟
إن الهزائم سواء كانت عسكرية أو أخلاقية تتوالى على هذه الإدارة، فبالأمس اعترفت مرغمة بفشلها في الفلوجة. وقد استمعت إلى تعليق لأستاذ بريطاني (بروفيسور) اعتبر أن إعادة ترتيب القوات خارج الفلوجة هو كارثة للقوات الأميركية بعد كل القصف اللاإنساني للمدينة على مدى أكثر من ثلاثة أسابيع. لأن دخول المدينة سيعنى مئات الضحايا من الجنود الأميركيين وستلحق بهم الهزيمة، ولذلك فضلوا أن يقزموا بإعادة الانتشار وهو الانكسار بعينه، ما جعل قوات التحالف تستعين بقوات عراقية لتحمّل المسؤولية في الفلوجة على رأسها لواء من الجيش العراقي المسرّح.
منصف أبوبكر - أبوظبي