جاءت نتائج الانتخابات الأخيرة في إيران لصالح التيار المحافظ، وهذه النتائج تعطي دول الخليج والعراق درساً قاسياً وواضحاً لبعض الأنظمة الخليجية وحركات الإسلام السياسي التي ترفض الديمقراطية والتعددية حسب المفهوم الأميركي. فنجاح القوى الدينية المحافظة في إيران إنذار خطر ليس على إيران داخلياً حيث من المتوقع أن تزداد حالات التوتر والتمزق داخل المجتمع الإيراني، بل يتوقع أن يزداد التردي الاقتصادي والبطالة بسبب سياسات المحافظين الداعية إلى هيمنة الدولة على الاقتصاد. دول الخليج العربية والعراق ستكون المتضرر الأكبر لفوز المحافظين في إيران لأن المحافظين يسعون إلى اتباع سياسات ثورية محافظة ضد التواجد الأميركي في المنطقة.
يشكل فوز المحافظين خطراً على المنطقة لأن الطريقة التي استعملوها وحققوا بها الفوز هي أسلوب غير ديمقراطي، فقيام المحافظين وعن طريق مؤسسة صيانة الدستور بإبعاد أكثر من 2500 إصلاحي و80 نائباً حالياً في البرلمان، تصرف لا يمكن قبوله، لكنهم استغلوا الدين والمشاعر الجماهيرية العفوية لإبعاد القوى الديمقراطية.
التساؤل هنا: ما دخل دول الخليج العربية والعراق بالانتخابات والتحولات داخل إيران؟ ففوز التيار المحافظ شأن إيراني لا يخص دول الخليج ولا العراق ولا العالم أجمع...؟
إيران شئنا أم أبينا هي أكبر دولة تطل على الخليج وكل ما يحدث في إيران داخلياً ينعكس علينا وعلى العراق سلباً أو إيجاباً.
يكمن الخطر في حقيقة فوز المحافظين بالانتخابات وإن كانت شكلية وغير ديمقراطية في حقيقة أن تيارات سياسية إسلامية في الخليج وتحديداً في السعودية والكويت والبحرين تنظر للنموذج الإيراني كمثال يمكن الاحتذاء به واتباعه. والأخطر من ذلك هو بروز تيارات شيعية وأحزاب عراقية إسلامية تطالب بحكم المرجعية الدينية، واستطاعت هذه القوى جرّ الشارع العراقي بالتظاهر مطالبة بالشريعة الإسلامية وحكم المرجعية الدينية. هذه القوى الإسلامية وإن كانت قمعية استبدادية لها قاعدة شعبية جماهيرية تدافع عن الديكتاتورية وتهدد كل من يحاول التأثير على مصالحها، خصوصاً التيارات الديمقراطية التي تدعو إلى المساواة بين المواطنين مهما كانت طبيعة دينهم وقوميتهم وانتمائهم العرقي.
تيارات الإسلام السياسي في الخليج لقيت دعماً قوياً من دولها في السابق، لأن هذه الدول تريد استغلال القوى الدينية لضرب القوى الديمقراطية في الخليج لمطالبتها بالديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان.
القوى الإسلامية في الخليج تطالب بإقامة نظام إسلامي شرعي تكون فيه الشريعة مصدراً رئيسياً للتشريع، كذلك يطالب الشيعة في العراق بإقامة دولة المرجعية حيث إن هنالك اندفاعاً جماهيرياً شيعياً في العراق نحو إقامة دولة دينية على رغم معارضة الحاكم المدني للعراق بول بريمر.
القوى الإسلامية في الخليج والعراق، السنة منهم والشيعة لا يؤمنون بالديمقراطية ولا بالتعددية الفكرية والدينية ولا يعترفون بالآخر المختلف. وهم بذلك لا يختلفون عن القوى المحافظة الإيرانية التي فازت بالانتخابات الشكلية في إيران مؤخراً، فهذه القوى تفضل مصالحها الحزبية الضيقة على مصالح شعبها وأوطانها. وهذا العامل المشترك بين القوى الدينية في إيران والخليج والعراق بمحاربة الديمقراطية، خطر علينا إيقافه ووضع حدٍ له.