أمام الصمت الدولي المريب عما يجري في الشرق الأوسط عموما وفلسطين خصوصا والغياب العربي المستغرب عما يدور من حولنا في المنطقة في ظل سياسة"القطب الواحد " يواصل أرييل شارون سياساته العدوانية ليس فقط ضد الشعب الفلسطيني الذي يعاني من نكبة ثالثة بل ضد دول المنطقة عموما وإلى دول الجوار بشكل خاص مصر والأردن ..مع الإبقاء على سياسة التسخين والتحريض ضد سوريا ولبنان على أمل أن التغيير الديموجرافي الذي تخطط له إسرائيل لتغيير معالم المنطقة سينعكس على سوريا ولبنان بشكل آلي.
وشارون وحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف بدأت تجاهر وبشكل لا يخلو من الاستفزاز بنواياها العدوانية ومخططاتها الجهنمية لفرض واقع ديموجرافي وجغرافي جديد في المنطقة والعرض الإسرائيلي الخبيث بعودة قطاع غزة إلى مصر أو تأجير جزء من سيناء ليتمكن الشعب الفلسطيني من إقامة "دولته المحاصرة في غزة "لاقى ردا مصريا مناسبا من قمة الهرم السياسي في مصر الرئيس محمد حسني مبارك والحكومة المصرية التي أكدت على انه لا يمكن العودة إلى الوراء وان استحقاقات السلام لابد أن تواجهها إسرائيل بالانصياع للقرارات الدولية وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة .
وحاولت إسرائيل خلق أزمة خلال الأسبوع الماضي عندما أرادت أن تمنع سفر الفلسطينيين عبر جسر الملك حسين باستخدام جواز السفر الفلسطيني وتم تعليق هذا الإجراء بعد "اتصالات"..وتريد إسرائيل من هذا الإجراء إحداث موجة نزوح فلسطيني طوعي إلى المملكة الأردنية الهاشمية "التي تعاني أصلا من وجود أكثر من مليون عراقي على أراضيها هاجروا إليها عقب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة" , هذا بالإضافة إلى استمرار إسرائيل في بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية الذي يخنق الفلسطينيين ويصادر ممتلكاتهم وأرضهم الزراعية ويقطع سبل عيشهم بما يدفع أيضا في اتجاه تهجير طوعي فلسطيني باتجاه الأردن .
شارون بدأ فعلا تنفيذ مخطط "الترانسفير "الطرد الطوعي ضد الشعب الفلسطيني تحت مرأى ومسمع الأسرة الدولية والدول العربية التي لم تسجل حتى اللحظة أي تحرك دبلوماسي جاد لمواجهة المخططات الشارونية سواء ضد الشعب الفلسطيني أو دول المنطقة وذلك تمهيدا لبناء الشرق الأوسط الجديد الذي تحدث عنه الرئيس الاميركي جورج بوش في وقت سابق كما روجت له حكومات إسرائيلية متعاقبة بما فيها حكومة رابين التي وقعت اتفاقيات السلام مع الفلسطينيين والأردن .
لا شك أن الوضع المتأزم الذي تمر به الدول العربية في المرحلة الراهنة وغياب الرؤية العربية الموحدة تجاه ما يحدث في المنطقة عموما وفي فلسطين بشكل خاص يشجعان شارون وحكومة اليمين المتطرفة في إسرائيل على تحقيق أكبر المكاسب والمشاركة في بناء ما يعرف بالشرق الأوسط الجديد الذي تكون فيه لإسرائيل اليد الطولى والهيمنة سياسيا واقتصاديا وأمنيا.