فقدان السيادة نتيجة منطقية ملازمة لوقوع أي بلد تحت نير الاحتلال، وهو ما يدفع كثيراً من القوى الوطنية إلى المطالبة باسترداد هذه السيادة في أقرب وقت ممكن، إما بالطرق السلمية، أو عبر الدخول في ملحمة نضالية لانتزاعها بالقوة من قبضة الاحتلال. وفقدان السيادة يظهر في صور وأشكال متعددة منها: انتشار قوات الاحتلال في المدن والبلدات، وغياب الأمن، وفرض قيود على حركة الأفراد، والافتقار إلى التمثيل الدبلوماسي والقنصلي.
ما أود لفت الانتباه إليه أن مشهد وصول المسؤولين الغربيين إلى العراق، وهو مشهد يتكرر بين الفينة والأخرى، يثير امتعاض العراقيين، لأن قادة الاحتلال هم الذين يستقبلون ضيوف الغرب سواء للاطمئنان على قواتهم أو الاطلاع، عن قرب، على المستجدات في هذا البلد المحتل.
لم نرَ عضوا من مجلس الحكم الانتقالي يلتقي مسؤولاً أميركياً أو بريطانياً أو يابانياً أو بولندياً أو كورياً جنوبياً في مطار بغداد أو البصرة وكأن أرض العراق أصبحت مستباحة لكل مسؤول غربي يود تفقد قواته أو يكون اسمه مكتوباً بـ "البنط العريض" على الصفحات الأولى في جرائد بلاده. لكن لو التقى أعضاء مجلس الحكم الانتقالي بهؤلاء المسؤولين لشعر البعض، حتى ولو ظاهرياً، بأن العراق يتمتع بقدر يسير من سيادته المتآكلة جراء الاحتلال. صحيح أن عملية الاستقبال ذات طابع "بروتوكولي" لكنها تضفي نكهة استقلالية على هذه الزيارات واللقاءات المتكررة التي يجريها المسؤولون الغربيون مع قواتهم داخل العراق.
إيهاب محمد- أبوظبي